يقول البعض إن مفتاح الثقة والنجاح في الحياة هو عدم الاكتراث، وغالبًا ما نشير إلى الأشخاص الأقوياء الذين نعرفهم وأكثرهم إثارة للإعجاب من حيث عدم الاكتراث، على الرغم من أن عدم الاهتمام قد يبدو بسيطًا في ظاهره، إلا أنه في الواقع صعب وشاق، فالحقيقة أن أغلبنا يكافح طيلة حياته بسبب المبالغة في الاهتمام بالمواقف التي لا تستحق الاهتمام بالأساس، وهذه هي المشكلة، فعندما نهتم كثيرًا ،نختار أن نهتم بكل شيء، نشعر وكأننا نملك الحق دائمًا في الشعور بالراحة والسعادة في جميع الأوقات من كل شئ وهنا تعبث بنا الحياة لأن القدرة على تخصيص وقتنا للمواقف الأكثر إثارة للغضب من شأنها أن تجعل الحياة أسهل بكثير، فالفشل سيكون أقل رعباً، والرفض سيكون أقل إيلاماً، والضروريات غير السارة ستكون أكثر متعة، والوجبات الخفيفة غير اللذيذة ستكون أكثر لذة، أي أننا إذا استطعنا أن نجعل وقتنا أقل إثارة للغضب، أو أن نجعل وقتنا أكثر إثارة للغضب، فإن الحياة ستكون سهلة للغاية، وما لا ندركه هو أن عدم الاكتراث أمر جيد فالناس لا يولدون غير مبالين بل في الواقع يولدون وهم يهتمون كثيرًا، قد يبدو هذا سهلاً، لكنه ليس كذلك فمعظمنا، في أغلب الأحيان، ننجرف وراء تفاهات الحياة، ونغرق في دراما غير مهمة، فنعيش ونموت على هامش الأحداث والتشويشات والتقلبات التي تستنزف قوانا، فعندما يتصور معظم الناس عدم الاكتراث بأي شيء على الإطلاق، فإنهم يتصورون نوعًا من اللامبالاة المثالية والهادئة تجاه كل شيء، والهدوء الذي يتغلب على كل العواصف ولكن هذا مضلل فلا يوجد شيء مثير للإعجاب أو واثق على الإطلاق في اللامبالاة. يحاول الأشخاص غير المبالين غالبًا أن يكونوا غير مبالين لأنهم في الواقع لا يبالون كثيرًا إنهم خائفون من العالم وعواقب اختياراتهم، لذلك لا يتخذون أي قرار ويختبئون في حفرة رمادية خالية من المشاعر من صنع أيديهم، فهم ببساطة مهووسون بأنفسهم ويشعرون بالشفقة على أنفسهم، ويصرفون أنفسهم باستمرار عن هذا الشيء المؤسف الذي يطالب بوقتهم وطاقتهم التي تسمى الحياة، وفي الحياة يجب أن ننفق وقتنا على شيء ما فلا يوجد شيء اسمه عدم الاهتمام والسؤال ببساطة هو كيف يختار كل منا تخصيص وقته فلن تحصل إلا على عدد محدود من الوقت الذي يمكنك أن تنفقه على مدار حياتك، لذا يجب أن تنفقه بعناية، فمع تقدمنا في العمر، نكتسب الخبرة ونبدأ في ملاحظة أن معظم هذه الأشياء ليس لها تأثير دائم على حياتنا كآراء هؤلاء الأشخاص الذين كنا نهتم بهم كثيرًا من قبل أو الحب الذي نحتاجه، وبالتالي لم تعد تلك الأشياء تعني الكثير الآن لأننا ندرك مدى ضآلة اهتمام الناس بالتفاصيل السطحية عنا ونركزعلى القيام بالأشياء لأنفسنا أكثر من الآخرين وهذا ما يسمي بالنضج الذي يجعلك أكثر انتقائية فيما يتعلق بالأشياء التي ترغب في القيام بها.