يسرقون أرضنا .. يدمّرون بيوتنا .. يقتلون الأبرياء .. وتسمّي ذلك بالسلام. كم يوماً ستحتاج لترتيب استسلام رجالك؟ نحن لن نستسلم. ننتصر أو نموت. ولا تظن أنها النهاية. سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم، والأجيال التي تليه. كان هذا هو الحوار الذي دار بين الجنرال الإيطالي الفاشي غراسياني وأسد الصحراء عمر المختار عندما وقع في الأسر وقام بتصويره بشكل بديع المخرج مصطفى العقاد في فيلم سينمائي تحت عنوان "أسد الصحراء" في عام 1981 وقام بتجسيد دوره الممثل العالمي أنتوني كوين وقدم الممثل المصري عبدالله غيث الأداء الصوتي لعمر المختار باللغة العربية. مضى الآن على الحرب التي يشنها الصهاينة على غزة أكثر من تسعة أشهر دون أن يحقق النتن ياهو أي من أهدافه التي أزعج العالم في ترديدها وهي إعادة الأسرى والقضاء على أي نوع من المقاومة التي يبديها الشعب الفلسطيني لاحتلال عنصري غاشم استمر أكثر من سبعين عاما. الشيء الذي نجح فيه الجيش الصهيوني هو التدمير لكل شيئ مادي في غزة، لكن روح المقاومة زادت بعد الحرب على غزة في صدر كل فلسطيني، بل يمكن القول أن السردية الصهيونية في العالم تعرّضت لفضيحة مدوية وانكشف عوارها أمام الغرب قبل الشرق وخير دليل على ذلك ما نشاهده في الجامعات الأمريكية والأوروبية التي وقفت ضد جرائم الإبادة التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد المدنيين والأطفال والنساء. هذه الجامعات تقع في دول تقدم الدعم غير المشروط للدولة الصهيونية بكل ما أوتيت من قوة عسكرية على الأرض أو من خلال الأممالمتحدة، أو من خلال ترديد إعلامها يوم واحد فقط من الذل والانكسار عاشه الصهاينة والتغاضي عن آلاف الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي ضد النساء والأطفال في الأشهر التي تلت هذا اليوم وهو السابع من أكتوبر وهي تقترب الآن من عشرة أشهر. كان العدو الصهيوني يطمع باستسلام الفلسطينيين خلال الشهر الأول لكن ذلك لم يحدث. استمر التدمير بعد ذلك في غزة لأشهر طويلة دون أن يعلن الفلسطينيون استسلامهم ودون أن يكون للعدو الصهيوني أي سيناريو ينقذه من هذه الحرب التي أساءت لفكرة إسرائيل المزيفة وانكشف وجهها البغيض أمام العالم وربما قد تودي بها إلى الجحيم في نهاية الأمر. إسرائيل الآن كيان محتل استعماري غاشم من وجهة النظر العالمية وليس العربية والإسلامية فقط، وقد فقدت مصداقيتها أمام الأصدقاء قبل الأعداء بفعل الجرائم التي قام بها النتن ياهو وجيشه الذي أصابه الرعب من كل شبح يتحرّك في غزة إلى الدرجة التي قتلوا فيها جنودهم الأسرى الذين ذهبوا إليه طمعا بالنجاة. صدق عمر المختار. لا يمكن لقوة الاحتلال أن تقضي على أناس يدافعون عن قضية عادلة وهي مقاومة الاحتلال؛ لأنه عندما يحاول هذا المحتل أن يفرض ذلك بالتدمير والقتل ، فإنه يكون قد زرع المقاومة لأجيال قادمة بعيدة. رحل الإيطاليون في نهاية الأمر لأنه لابدّ للمحتل أن يرحل ولو بعد حين.