لا يختلف اثنان على أن المدرب الإسباني بيب غوارديولا، هو أحد عباقرة عالم التدريب عبر التاريخ الكروي، وهذا ما تؤكده أرقامه الهائلة وإنجازاته المتتالية. قاد غوارديولا فريقه مانشستر سيتي للفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز، المعروف بأنه الأقوى والأكثر تنافسية وإثارة في العالم، للمرة الثالثة على التوالي، حارمًا فريق آرسنال الذي يدربه تلميذه ميكيل أرتيتا من اللقب، بعد أن ظل مسيطرًا على الصدارة لعدة أشهر متتالية. نهج غوارديولا التدريبي الفريد اكتمل هذا الموسم بقوة هجومية كبيرة نتجت من التعاقد مع القناص النرويجي إرلينغ هالاند، وبطل العالم الأرجنتيني خوليان ألفاريز، وإضافتهما لكتيبة بيب الفريدة، ما أوجد فريقًا مرعبًا أطاح بريال مدريد بطل أوروبا من بطولته المفضلة برباعية للتاريخ في إياب الدور نصف النهائي. الحلم الأكبر إنجازات غوارديولا في إنجلترا وأرقامه القياسية الفريدة بات الجميع يعرفها، لكن المدرب العبقري يضع كل اهتمامه على قيادة مانشستر سيتي للفوز بدوري أبطال أوروبا، وهو الحلم الذي طارده بيب طويلًا، وأفلت من بين يديه مرتين، الأولى عندما وصل بالفعل إلى النهائي لكنه خسر أمام تشيلسي عام 2021م، والثانية في الموسم الماضي عندما كان في طريقه للإطاحة بريال مدريد قبل أن ينتفض الأخير في الدقائق القاتلة ويخرجه من نصف النهائي، ويواصل مسيرته ليعزز رقمه القياسي في الفوز باللقب الأغلى في أوروبا للمرة ال 14 في تاريخه. هذا الموسم واجه غوارديولا ريال مدريد مجددًا، لكنه تعلم الدرس جيدًا، ونجح في إقصائه من نصف النهائي، وبقيت الخطوة الأخيرة في النهائي المرتقب أمام إنتر ميلان الإيطالي في العاشر من شهر يونيو المقبل. أرقام فريدة بات غوارديولا المدرب الوحيد في التاريخ الذي يحقق الدوري 3 مرات متتالية في 3 بطولات دوري كبرى في أوروبا، حيث بدأ الاكتساح مع برشلونة بثلاثية في الليغا أعوام 2009 و2010 و2011م، وكرر الثلاثية مع العملاق البافاري بايرن ميونيخ أعوام 2014 و2015 و2016م، وأكملها بثلاثية متتالية في ال "بريميرليغ" مع مانشستر سيتي أعوام 2021 و2022 و2023. وخلال 15 عامًا من عمره التدريبي، حقق بيب بطولة الدوري في 11 موسمًا، وخسر فقط 4 مواسم. وعند مجيئه إلى الدوري الأقوى في العالم، توقع البعض أن غوارديولا لن يحقق النجاح بسبب قوة المنافسة وصعوبتها، لكنه رد بلغة الأرقام، وحقق 5 ألقاب لفريق "سيتيزنز" من أصل 7، حيث خسر الدوري مرتين لمصلحة تشيلسي عام 2017م، ولمصلحة ليفربول عام 2020م. وتفوق غوارديولا على المدربين الكبيرين آرسين فينغر وجوزيه مورينيو اللذين حققا لقب ال "بريمير ليغ" 3 مرات، حيث بات يتفوق عليهما بلقبين، وهو الثاني في تاريخ البطولة بمسماها الحالي خلف الأسطورة السير أليكس فيرغسون الذي حقق 13 لقبًا مع مانشستر يونايتد. وفي تاريخ البطولة ككل، يحتل بيب المركز الثالث مناصفة مع أسطورة يونايتد أيضا مات باسبي وتوم واتسون برصيد 5 ألقاب لكل منهم، وقبله يأتي أولا فيرغسون ب 13 لقبًا، وثانيًا كل من بوب بيزلي وجورج رامزي ب 6 ألقاب، أي أن لقبًا جديدًا في الدوري سيجعل غوارديولا يتقاسم معهما المركز الثاني. وبيب هو الإسباني الوحيد الذي ينجح في قيادة فريق للفوز بالدوري في إنجلترا، وهو أسرع من وصل إلى 100 انتصار في ال "بريمير ليغ" محققًا ذلك في 134 مباراة فقط، وهو صاحب الرقم القياسي لعدد النقاط في موسم واحد، بعد أن توج معه سيتي برصيد 100 نقطة موسم 2017/2018م. والآن يقف بيب مع سيتي على عتبة أن يصبح ثاني مدرب يحقق الثلاثية بعد السير أليكس فيرغسون مع مان يونايتد (الوحيد الذي توج بالثلاثية في إنجلترا)، حيث ينتظره نهائي دوري الأبطال ضد إنتر يوم 10 يونيو المقبل، وقبله نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي الذي يواجه فيه غريمه التقليدي "الشياطين الحمر" على ملعب ويمبلي يوم 3 يونيو المقبل.