تعقد المشهد السياسي الليبي بشكل أكبر، لا سيما بعد تشكيل حكومة جديدة برئاسة وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، وسط تمنع رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة عن تسليم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد، فقد أعلنت كتلة نيابية جديدة رفضها لقرارات البرلمان. وأعلن 50 نائبا خلال الساعات الماضية، تأسيس كتلة معارضة لإجراءات البرلمان، الداعية لتولي حكومة باشاغا مقاليد السلطة وتنظيم انتخابات خلال 14 شهرا، مطالبين بإخراج البلاد من المراحل الانتقالية ورفض التمديد للأجسام السياسية الحالية، كما دعت الكتلة التي أطلقت على نفسها اسم "برلمانيون ضد التمديد" في بيان إلى إنهاء المراحل الانتقالية وإصلاح البرلمان، وكذلك إلى دعم المسار الانتخابي. ويسلط هذا الانشقاق الضوء على انقسام المشرّعين الليبيين إلى كتلتين، إحداهما تتمسك بقرارات البرلمان الأخيرة وتعتبرها "قانونية"، لا سيما قرار تعيين باشاغا رئيسا جديدا للوزراء، كما ترفض مبادرة الوساطة التي اقترحتها وليامز، وأخرى تعارض كل تلك الإجراءات وتتنصل منها، وتطالب في المقابل بإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن. بينما أكدت دعمها مبادرة المستشارة الأممية ستيفاني وليامز لحل الأزمة السياسية، عبر تشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، تتولى تأسيس قاعدة دستورية، تفتح الباب لإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، وتحقيق مطالب نحو 2.8 مليون ليبي. وبعد نحو عامين من الهدوء، وجدت ليبيا نفسها مرة أخرى أمام انقسام جديد بين المؤسسات والمعسكرات المتنافسة لا يمكن التكهن بمآلاته، وسط مخاوف من انزلاق البلاد إلى صراع مسلّح، بعد تصاعد وتيرة الاصطفافات والتحركات العسكرية، خاصة في العاصمة طرابلس، فيما لا يزال الغموض يلف مصير حكومة باشاغا التي أدت اليمين أمام البرلمان، وموعد انتقالها إلى طرابلس أو كيفية دخولها هناك لمباشرة مهامها وصلاحياتها، في ظل رفض حكومة الدبيبة التخلي عن السلطة قبل إجراء انتخابات في البلاد، واستنفار قواته لحماية المقرات الحكومية. وفي تفاقم للصراع الحاصل في ليبيا منذ أسابيع، وسط انقسام البلاد مجددا بين حكومتين، أكد رئيس الحكومة الليبي المكلف فتحي باشاغا، أمس (الثلاثاء)، أن حكومته ستتوجه إلى العاصمة طرابلس لمباشرة مهامها خلال اليومين القادمين، وستتسلم السلطة "بقوة القانون وليس بقانون القوة". وأضاف خلال كلمة توجه بها إلى الليبيين، أن "حكومته ليست موازية هي حكومة ليبية لكل البلاد شرقا وغربا وجنوبا"، مشيرا إلى أن "اختيارها وتعيينها تم بطريقة شفافة واتفاق وتوافق بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة"، قبل أن يتعرّض رئيس مجلس الدولة خالد المشري إلى "ضغوط"، لتغيير موقفه، حذرا من خطر إشعال الفتنة والانزلاق مرة أخرى نحو الحرب، كما تعهد بأن تقود حكومته ليبيا إلى الانتخابات، مبديا استعداده للتعاون مع الأممالمتحدة في ذلك، إضافة إلى استمرار التواصل مع البرلمان والدولة.