للقهوة بمسمياتها، طقوس ومواعيد في صباحات ومساءات عشاقها ، لعبق أجوائها ومذاق رشفاتها ، وبحلاها الزيادة والوسط أو السادة. نتناولها في البيت وفي العمل وفي المقهى و"الكوفي شوب" ، وقد تنوعت طرق تجهيزها وتقديمها ، مثلما تتنوع استثماراتها التي انتشرت بدرجة كبيرة في أحياء مدن المملكة، كما هي لمئات الملايين من البشر في كافة مدن العالم، الذين يتناولون نحو مليار كوب يوميا وحركة تجارة بمئات المليارات من الدولارات سنويا، ومعدلات إنتاج وأسواق شديدة التأثير على أمزجة وجيوب محبي القهوة بمختلف أنواعها. لنبدأ بالأرقام العالمية ، وبحسب شركات متخصصة ، تقدر إيرادات القهوة بأكثر من 400 مليار دولار سنويًا، ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 434 مليار دولار في عام 2025 بمعدل نمو 5.2 % بينما يتوقع أن تسجل القهوة الفورية إيرادات بنحو 165.6 مليار دولار، بمعدل نمو 6 % لنفس الفترة ، مما يعكس الصعود المستمر في أعداد المستهلكين للقهوة بمختلف أنواعها المحمصة سنويًا ، وتتراوح إيرادات تناولها خارج المنزل ، في المطاعم والمقاهي والفنادق بنحو 25 % من حجم الاستهلاك العالمي. كما تعد القهوة العربية من أكثر الأنواع استهلاكًا على المستوى العربي وبصفة خاصة في المملكة وكذا بقية دول مجلس التعاون ، إلى جانب مع نمو سوق القهوة المحمصة بطرقها المتعددة. ويقدر مستثمرون في هذا المجال حجم سوق القهوة في السعودية بأكثر من 6 مليارات ريال، النسبة الاعلى من نصيب منطقة الرياض ثم جدة، تليها المنطقة الشرقية ثم بقية المناطق بنسب متفاوتة ، لكن تظل القهوة العربية القاسم المشترك للمجتمع السعودي في العادات اليومية تعبيرا عن كرم الضيافة ، وفي المواسم خاصة طوال شهر رمضان الفضيل. استثمارات وواردات يعتبر السوق السعودي الأكبر في الواردات والاكثر استهلاكاً للقهوة في منطقة الشرق الاوسط مما جعلها محل اهتمام أكبر الشركات العالمية المصدرة للقهوة والبن ، والتاسعة عشرة على مستوى العالم في قيمة واردات البن ، طبقا لتقديرات عام 2020 ، وبطبيعة الحال جاذبية السوق السعودية لأشهر وأعرق العلامات التجارية في مجال الكوفي شوب ، وأيضا نمو الاستثمارات الحديثة في هذا النشاط وتوسع مشاريع ريادة الأعمال. في هذا المجال يقدر حجم استثمار السيدات نحو 15 % من إجمالي السوق ، ومن المتوقع نموه الى 32 % خلال سنوات قليلة ، مما يوفر أيضا الكثير من الفرص الوظيفية للشباب ، ويتوقع خبراء متخصصون أنه بحلول عام 2025 سيصل الإنفاق على القهوة خارج المنزل إلى نحو 70 % ، بمعدل نمو سنوي مركب يتراوح بين 18 % و32 %. ويتميز السوق السعودية في اقتصادياته بشكل عام ، بالانفتاح وارتباطه بالأسواق العالمية مما حقق لها الاستقرار السعري إلى حد كبير ، وعدم تأثره بصدمات متغيرات الواردات التي قد تنجم عن تأثر محاصيل لدول المصدرة للبن لظروف مناخية أو غيرها ، حيث توفر المملكة عبر الموردين وبدعم من وزارة التجارة ، احتياجات السوق من دول بديلة ، حفاظا على التنافسية وارتفاعات معقولة في الأسعار تعد متناول الجميع. ومثال ذلك تتصدر إثيوبيا قيمة واردات البن إلى المملكة بنحو 517 مليون ريال، فيما لم تتجاوز واردات البن البرازيلي 54 مليون ريال، إلى جانب وارداتها من دول أخرى مثل كولومبيا والهند وإيطاليا واليمن، بينما أغلى قيمة لطن البن الوارد في المملكة من سويسرا بأكثر من 33 ألف دولار للطن الواحد. الزراعة المحلية ومع نشاط سوق القهوة في المملكة تشهد زراعة البن إقبالاً متزايداً من الأهالي في جبال منطقة جازان ، وهو إرث زراعي قديم في عدد من المحافظات . ومؤخرا شرعت هيئة تطوير وتعمير المناطق الجبلية بجازان في أعمال الحصر السنوية لمزارع البن وأعداد المزارعين وحجم الإنتاج السنوي الذي يشهد نموًا ، نتيجة رفع الكفاءة الإنتاجية ودعم مزارعيه بتقديم أكثر من 344 ألف شتلة بن. ووفقًا لإحصاءات الهيئة ، ارتفع عدد مزارعي البن العام الماضي إلى 1596 مزارعًا ، فيما بلغ عدد أشجار البن 270 ألف شجرة ويتوقع ارتفاعها إلى 400 ألف شجرة ، ويقدر متوسط الإنتاج السنوي بحوالي 686 ألف كيلوجراماً في مختلف المزارع الجبلية، حيث للمزارعين أيضا رحلة عشق قديمة لشجرة البن. صدق أو لاتصدق ! يتناول عشاق القهوة في العالم يوميا نحو مليار كوب ، وسنوياً ما يقارب ال 400 مليار كوب ، ومعظم محبيها لا يكتفون بفنجان أو كوب واحد ، بل مثنى وثلاث ورباع وأكثر. الدول ذات الطقس البارد مثل أوروبا تمثل قائمة أكثر الدول المستهلكة للقهوة مثل سويسرا وهولندا بينما تحتل صدارة القائمة الدول الإسكندنافية، حيث تكون الحرارة في مدينة مثل "أوسلو" شتاءً تحت الصفر بنحو 15 إلى 20 درجة ، لذا تُقدم القهوة مع كل الوجبات على مدار اليوم، ويحظى العمال والموظفون قانوناً براحتين أثناء العمل مدتهما عشر دقائق تُسمى "استراحة كوب قهوة". كلام في الصحة القاعدة السليمة للتغذية تقول ، "إن ما يزيد على حد معين يتحول إلى مشكلة صحية كبيرة" ، وفي هذا تفيد دراسات علمية إن شرب أكثر من 6 أكواب قهوة يومياً قد يؤدي وبسرعة للإصابة بأمراض ضغط الدم التي بدورها تزيد احتمالية التعرض لمشاكل بالقلب لزيادة تأثير مادة الكافيين. أما استهلاك مابين كوبين إلى ثلاث أكواب ، هو معدل غير ضار بحسب معظم الدراسات والآراء الطبية، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة الاختلافات في الحالة الصحية والعمر والوزن ، وبشكل عام بين شخص وآخر.