أوقفت ضربة عسكرية نفذتها واشنطن أمس (الأحد)، هجوما انتحاريا على مطار العاصمة الأفغانية كابل، بعد ثلاثة أيام من التفجير الانتحاري الذي راح ضحيته قرابة 90 شخصاً بالمطار، إذ أكد مسؤولان أمريكيان أن الضربة استهدفت مسلحين يُشتبه في أنهم من تنظيم "داعش"، كانا في الطريق لتنفيذ تفجير إرهابي في مطار حامد كرزاي الدولي. وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد: إن غارة جوية أمريكية استهدفت مفجرا انتحاريا كان في سيارة وكان يريد استهداف مطار كابل الدولي وسط الإجلاء الأمريكي هناك"، فيما تزايدت المخاوف في العاصمة الأفغانية من عودة مشاهد الإرهاب مجدداً، في ظل تحذير واشنطن من تفجيرات إرهابية قادمة. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، حذر أمس من هجوم "محتمل جدا" في العاصمة الأفغانية كابول خلال ساعات، مبينا أن قادة عسكريين أبلغوه باحتمال وجود هجوم خلال ال24 – 36 ساعة المقبلة في كابول، مشدداً على أن الوضع الميداني في أفغانستان لا يزال خطيرا، وأن الضربة الأمريكية ضد تنظيم داعش في أفغانستان لن تكون الأخيرة. وبينما لا يزال الغموض يكتنف المشهد السياسي العام في أفغانستان، إثر سيطرة حركة طالبان على البلاد، بدأت اللقاءات والمشاورات تعقد خلف الكواليس من أجل تشكيل الحكم الجديد في البلاد، حيث كشف العضو في مجموعة تضم زعماء أفغانا مخضرمين خالد نور أمس، أنهم ينوون إجراء محادثات مع حركة طالبان، مضيفاً أن اجتماعاً مزمعاً عقده في غضون أسابيع لتشكيل جبهة جديدة لإجراء مفاوضات تبحث حكومة أفغانستان المقبلة. وقال نجل عطا محمد نور الذي كان يوماً ما حاكماً لإقليم بلخ الشمالي، إن المجموعة تشمل الزعيم الأوزبكي المخضرم عبد الرشيد دستم وآخرين يعارضون سيطرة طالبان على البلاد، مؤكدا، وفقا لوكالات أنباء عالمية، أنهم يفضلون التفاوض الجماعي لأن أيا منهم لن يستطيع حل مشكلة أفغانستان بمفرده. وتابع "لذا فمن المهم مشاركة الجماعات السياسية كلها في البلاد خاصة الزعماء التقليديين وذوي النفوذ والدعم الشعبي". ويأتي هذا الحراك، فيما يؤكد معظم المحللين أن حكم أفغانستان لفترة طويلة دون توافق بين العرقيات المختلفة في البلاد ينطوي على تحد كبير لأي كيان. ومع اقتراب الموعد النهائي لانتهاء عمليات الاجلاء وانسحاب القوات الأمريكية من كابل، كشف مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أن طالبان أبلغت مسؤولين أمريكيين سرا بسماحها بالإجلاء بعد موعد 31 أغسطس، وفقا لشبكة "سي.بي.إس"، مضيفا: "لقد تواصلت حركة طالبان معنا، في السر والعلن على حد سواء، وقالت إنها ستسمح بممر آمن. بعد الحادي والثلاثين من أغسطس، سنتأكد من وجود ممر آمن لأي مواطن أمريكي، وأي مقيم دائم شرعي". وفي السياق ذاته، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن بلاده وبريطانيا ستحضان الأممالمتحدة اليوم على العمل من أجل إقامة "منطقة آمنة" في العاصمة الأفغانية كابل لحماية العمليات الإنسانية، مؤكدا وفقا لصحيفة "لوجورنال دو ديمانش" الفرنسية، أن "هذا الأمر بمنتهى الأهمية. هذا سيوفر إطاراً للأمم المتحدة للعمل في حالة طوارئ". وبحسب ماكرون، هذه المنطقة الآمنة ستتيح إجلاء الأفراد الراغبين في مغادرة أفغانستان، مشيرا إلى أن منطقة آمنة كهذه ستتيح قبل كل شيء للمجتمع الدولي "مواصلة الضغط على طالبان" التي باتت موجودة في السلطة بأفغانستان. وتجتمع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين) اليوم لمناقشة الوضع في أفغانستان. من جهتها، أوضحت حركة طالبان أنها تنتظر إشارة أمريكية من أجل استلام المطار. وقال مسؤول في طالبان، إن الحركة والقوات الأمريكية المنسحبة من البلاد تهدفان إلى تسليم مطار حامد كرزاي على وجه السرعة. وأضاف: "نحن في انتظار الإشارة الأخيرة من الأمريكيين لنتولى بعدها السيطرة الكاملة على مطار كابل".