بينما لا تزال الرؤية ضبابية في أفغانستان، ظهر للمرة الأولى علناً منذ 20 عاماً قيادي بارز في طالبان بالعاصمة كابل، إذ وصل الملا عبد الغني برادر إلى العاصمة الأفغانية، أمس (السبت)، لإجراء محادثات مع قياديين في الحركة وسياسيين آخرين حول تشكيل حكومة جديدة، عقب تأكيد طالبان سعيها لدراسة إطار الحكم المقبل في البلاد. وقال قيادي كبير في طالبان، وفقاً لوكالة "فرانس برس"، إن برادر حضر إلى كابل للقاء قادة وسياسيين من أجل تشكيل حكومة شاملة، مبيناً أن الحركة تهدف إلى تقديم إطار لحكومة جديدة لأفغانستان في الأسابيع القليلة القادمة، مشيرا إلى أن قانونيين ودينيين وخبراء في السياسة الخارجية ضمن الحركة يسعون إلى طرح إطار حكم جديد خلال الفترة المقبلة. وأضاف "نموذج طالبان الجديد للحكم قد لا يكون ديمقراطياً بالتعريف الغربي الدقيق، ولكنه سيحمي حقوق الجميع". وشدد على أن طالبان تواصل إجراء المشاورات مع كبار الزعماء الأفغان السابقين، وقادة الميليشيات الخاصة، مضيفا أنها تناقش كيفية ضمان مغادرة القوى الغربية بشروط ودية، مؤكداً التحقيق في الانتهاكات التي ارتكبت بحق المدنيين. وفيما أشارت تقارير إلى خطف عدد من المدنيين أو تعرضهم للعنف أو حتى القتل من قبل عناصر طالبان، الذين سيطروا على العاصمة الأفغانية كابل، أكد مسؤول في الحركة أن مقاتلي الحركة لم يخطفوا أي أجنبي. وقال: "سيواصل مقاتلونا التحلي بضبط النفس"، موضحاً أن طالبان استجوبت عددا من الأجانب قبل خروجهم من البلاد، وسط تدفق الآلاف نحو مطار حامد كرزاي في العاصمة، منذ يوم الأحد الماضي. وتسعى طالبان إلى تقديم وجه أكثر اعتدالا منذ سيطرتها السريعة على السلطة الأسبوع الماضي، لكن تاريخها الحافل بالانتهاكات لا يزال حاضراً في ذاكرة آلاف الأفغان، لذلك قال الرئيس الأمريكي جو بايدن أن واشنطن ستكافح الإرهاب في أفغانستان، مؤكداً على أنها لن تسمح بأن تكون كابل قاعدة لتهديد الولاياتالمتحدة، معلناً أن قواته ستعود إلى هناك لو ظهر الإرهاب مجدداً، قائلاً: "لو عاد الإرهاب سنعود"، مشدداً على أن القوات التي دربتها أمريكا في أفغانستان ستبقى وستحارب، معتبراً أن ما من حاجة لوجود دائم هناك من أجل مواجهة الإرهاب. وهدد بايدن حركة طالبان حال افتعال أي هجمات أو تعطيل لحركة الإجلاء، مؤكداً أن تلك العمليات ستواجه بالقوة، كما تعهد بأن واشنطن ستعمل على إجلاء أي أمريكي يريد مغادرة أفغانستان، موضحاً أن هناك 6 آلاف جندي في كابل لتأمين العمليات، كما أوضح أن هناك تنسيقا مع حلف الناتو لتسريع الإخلاء، كاشفاً عن أن القوات الأمريكية قامت بنقل أعضاء السفارة الفرنسية إلى مطار كابل، كاشفاً أن خطة الانسحاب من أفغانستان حظيت بموافقة الحلفاء في الناتو. وكان البنتاغون قد أعلن في وقت سابق أن الجيش الأمريكي كثف عمليات الإجلاء، مضيفا أن 7000 مدني تم إجلاؤهم من البلاد منذ 14 أغسطس. معلناً أن 12 طائرة من طراز سي-17 غادرت أفغانستان حاملة على متنها 2000 شخص تم إجلاؤهم خلال الساعات الماضية. وفي وقت تتواصل عمليات الإجلاء من مطار كابل – الذي يعج بالفوضى – عبر الطائرات العسكرية الأمريكية، ينتظر عشرات الآلاف من الأفغانيين، بقلق لمعرفة ما إذا كانت الولاياتالمتحدة ستفي بتعهد الرئيس جو بايدن الجديد بإجلاء جميع الأمريكيين وجميع الأفغان الذين ساعدوا واشنطن، بينما أعلنت دول عدة استعدادها لاستضافة آلاف اللاجئين الأفغان. إلى ذلك، شددت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على أن ما يحدث في أفغانستان مأساة وصفعة كبيرة بوجه المجتمع الدولي. وتابعت: "علينا ضمان عدم وقوع اللاجئين الأفغان ضحية بيد تجار البشر، وضمان ممرات قانونية وآمنة للراغبين بالوصول إلى أوروبا. نحن جاهزون لتوفير الموارد لإعادة توطين الأفغان الهاربين"، لافتة إلى وجود قلق أوروبي من تقارير تفيد بملاحقة حركة طالبان لأفراد عملوا مع الحكومة السابقة.