حمل الحراك الشعبي في لبنان المنظومة الحاكمة مسؤولية إصابة 400 من المحتجين وقوات الأمن، خلال اشتباكات في محيط مجلس النواب، ليل السبت وصباح أمس (الأحد)، مطالبين باعتذار رئيس الحكومة المكلف حسان دياب عن تشكيلها، وسط أنباء تفيد بأن دياب جهز حكومته الجديدة ورفعها للرئيس عون، اضافة لحل شرطة مجلس النواب وإقالة مدير الأمن الداخلي، وسط دعوات لاستمرار التظاهرات وسط بيروت وأمام المجلس، فيما دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، إلى التوقف عن هدر الوقت وتشكيل الحكومة وفتح الباب للحلول السياسية والاقتصادية. وأكد سياسيون أن تجاهل السلطة لمطالب المنتفضين والمماطلة في تشكيل حكومة جديدة تلبي متطلبات المرحلة سيولد انفجارًا أكبر جراء تدهور الواقع السياسي والاقتصادي والمعيشي بصورة غير مسبوقة، مشددين على ضرورة تقصير ولاية مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات برقابة دولية. ويقول الكاتب والباحث السياسي يوسف دياب، إن جشع الأحزاب والقوى السياسية لايزال المعطل الرئيس لتشكيل الحكومة الجديدة، وأن حسان دياب عاجز عن تشكيل حكومة ويعمل بأمر من حزب الله، ذراع إيران في لبنان، وسيكون عاجزًا عن إدارة البلد عبر حكومة إنقاذ قادرة على إخراج لبنان من مستنقع الأزمات المالية والاقتصادية والسياسية، متوقعاً اعتذار حسان دياب. وأضاف "لم يعد لبنان يحتمل المزيد من التسويف والمماطلة، وهو بحاجة لشخصيات وكفاءات من العيار الوطني الثقيل لنقل البلد من مرحلة الفوضى إلى الاستقرار"، مشيراً إلى أن تصاعد المواجهات بين قوى الأمن والمنتفضين يكشف إفلاس القوى السياسية، التي ربما تريد دفع البلد إلى الفوضى والخراب والحرب الأهلية، وهو مايتمناه حزب الله وبعض حلفائه، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن لبنان أمام مرحلة شديدة الصعوبة والتعقيد، في ظل تمادي السلطة في إهدار الوقت حتى يتعب الحراك ويتلاشى، وتبقى الأمور على ماهي عليه. ويوافقه في الرأي رئيس جمعية صون حق التعبير وليد المحب، معتبراً أن لبنان أمام مخاض وولادة نظام سياسي جديد يجب أن يصلح القضاء ويرجع المال المنهوب الذي يفوق أضعاف الدين العام، متوقعًا لحكومة دياب ألا ترى النور في ظل محاولات تشكيلها بطريقة المحاصصة. من جهته، أكد نائب رئيس التحرير في صحيفة النهار اللبنانية نبيل بو منصب، أن تصاعد العنف والمواجهات بين المتظاهرين والقوى الأمنية في بيروت نذير تفلت بالغ الخطورة، نتيجة لاستمرار السلطة في سياسات التجاهل والمعاندة والإصرار على المضي في تأليف حكومة اللون الواحد، المقنعة بلباس التكنوقراط والتي رفضتها الانتفاضة الشعبية. وأرجع تأخر ولادة الحكومة إلى أسباب عدة، أبرزها: الإرباك الإقليمي الكبير الذي يواجهه حزب الله، وهو القاطرة الكبرى لتحالف عهد الرئيس ميشال عون وقوى 8 آذار، ولولاه لما جرى تعويم محاولة تشكيل حكومة دياب، وهذه الإرباكات تكشف أن الحزب لم يعد يمسك بعصا سحرية تمكنه من التصرف كما تمليه عليه مصالحه، وأن المعطيات الإقليمية المتصلة بإيران تجعله مترددًا أكثر فأكثر في الأزمة الداخلية اللبنانية، إضافة إلى أن واقع العهد العوني بات أشبه بالمنهار فلم يعد يؤثر إلا سلبًا في مجريات الأمور، حيث ثمة غياب مخيف لحضور وتأثير رئاسة الجمهورية في مجريات الواقع القائم، ولا وجود لأي مبادرة رئاسية من شأنها لجم التدهور أو فتح أبواب الحلول. وختم بو منصب بأن الخوف من ردود الفعل السلبية الدولية والداخلية على حكومة اللون الواحد لعب دورًا أساسياً في تأخير الولادة الحكومية وربما الإطاحة بها لاحقا، لأن الأسرة الدولية كما الانتفاضة رفضتا التلاعب بشكل الحكومة التي تقدم كأنها حكومة تكنوقراط، فيما هي تابعة للتكتلات الحزبية لتحالف العهد وقوى 8 آذار المتحالفة مع نظامي إيران وسوريا.