يجلس آلاف المرضى والمراجعين على "دكة" الانتظار الطبي لأكثر من أربعة أشهر وربما تزيد للحصول على سرير شاغر في المستشفيات العامة مثل هذا السيناريو يصادف مرضى كثيرين وذويهم، ما يتطلب الأمر إيجاد "وصفة " عاجلة لزيادة عدد أسرة المستشفيات العامة وأقسام العناية الفائقة لاحتواء الحالات الحرجة والمرضى الذين يحتاجون إلى تدخل " جراحي " عاجل لإنهاء معاناتهم ، فضلا على ضرورة إعادة النظر في تدشين مشافي جديدة بتخصصات مختلفة ولا سيما في الخطوات التطويرية التي تشهدها المملكة في القطاع الصحي تماشيا مع الرؤية 2030 ، علاوة على تفعيل جراحات اليوم الواحد لتفادي مشكلات عدم توفر الأسرة بالمستشفيات ، وتأتي هذه المشكلات رغم ما تم تخصيصه لقطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية من ميزانية الدولة لهذا العام ، إذ تم نخصيص نحو 108 مليارات ريال، بزيادة نسبتها 8% عن العام الماضي. "البلاد" ناقشت مشكلة شح الأسرة في المستشفيات العامة مع عدد من الأطباء والمختصين والذين اكدوا أن عدد الأسرة في المستشفيات لا تتناسب مع عدد السكان في المملكة ، لافتين إلى ضرورة التوسع في انشاء مستشفيات سواء حكومية أو خاصة ومراعاة الكثافة السكانية لكل مدينة حتى تحل هذه الإشكالية. وأضاف الأطباء أن منطقة مكةالمكرمة على سبيل المثال تصدرت قائمة المناطق الأكثر شحا في نسبة الأسرّة قياسا إلى حجم السكان، البالغ عددهم 7.5 ملايين نسمة، بواقع سرير واحد لكل 1100 شخص. وفي المقابل، احتلت منطقة الجوف رأس القائمة في وفرة عدد الأسرّة، بسرير واحد مقابل كل 350 شخصا، فيما تساوت معظم المناطق في عدد الأسرة، بسرير لكل ألف نسمة. " البلاد " حملت ملف شح الأسرة في المستشفيات العامة واستمعت إلى شكاوى المرضى وذويهم ، فضلا عن مقترحات الكوادر الطبية ووضعت كل هذه الهواجس على طاولة وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة. في البداية أوضح عادل الصحفي إن مشكلة الاسرة مزمنة ويجب إعادة النظر فيها ومتابعتها مع المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة ولا سيما إن هناك حالات لا تحتمل التأخير التأجيل في اجراء العمليات الجراحية المختلفة وللحقيقة ان هناك جهودا مبذولة من قبل العاملين في الصحة في تطوير خدماتها في المقابل هناك سلبيات أو قصور يجب تلافيها. وأضاف انه يجب على وزير الصحة بذل المزيد من الجهود في هذا القطاع الحيوي للمواطنين والمواطنات والعمل على اجراء العديد من التعديلات والخدمات المقدمة للمرضي. ومن جانبه قال رشاد سمر الدين إن الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة الصحة لا تعد ولا تحصى من تطوير في خدماتها الطبية المقدمة لمراجعيها ومرضاها ولا سيما في الخدمة المقدمة ولأنه توجد هناك بعض القصور والملاحظات عليهم وبالذات في عملية توفير اسرة للمراجعين والمرضى بشكل عام وانه يجب على وزير الصحة اخذ هذا الملف وغيره من الملفات الصحية مثل المواعيد وصرف الادوية ضمن أولوياته لمساعدة المواطنين والمواطنات على تلقي الخدمات وانه توجد هناك حالات في الانتظار وتحتاج الى عمليات ولكن لعدم توفر اسرة تم تأجيل الحالات ومنها من لا يتحمل هذا وهناك حالات قد تودي الي الوفاة وهي تنظر سرير في احد مستشفيات الصحة وجميعنا يعلم هذا. مشيرا الى ان القطاع الصحة من القطاعات الحيوية للمملكة وأنها لا تدخر جهد في تقديم أفضل السبل والحلول لمساعدة المواطنين والمواطنات. مشادات ومشاحنات من جانبها أوضحت الدكتورة جوهرة العتيبي أن عدم توافر سرير للمريض فور وصوله إلى المستشفى يساهم في وقوع مشادات ومشاحنات بين المراجع والطواقم الطبية، وتنتهي احيانا بمغادرة المريض وعودته الى منزله من دون تلقي العلاج. فندرة الأسرّة بالمستشفيات لا يتحملها أي مريض أنهكه المرض وأصبح بحاجة ماسة إلى رعاية صحية أفضل، بينما تحاول بعض الأقسام في المستشفيات إخلاء الأسرّة بشكل سريع ليستفيد منها مريض آخر، من دون الالتفات لمعاناة المريض وأوضاعه غير المستقرة أحياناً . فأحيانا يخبر المريض بضرورة مغادرة المستشفى لحين تحديد موعد العملية الجراحية المقررة له من قبل الطواقم الطبية، مما يطرح أكثر من تساؤل حول أهمية بقاء المريض في المستشفى الذي يتعالج فيه حتى موعد العملية، وضرورة عدم مغادرته حتى يتماثل للشفاء بصورة كاملة، فكيف يطلب من المريض المغادرة فربما تحدث له أيأعراض صحية خطيرة في منزله قد تفاقم من متاعبه ومرضه تدريجيا. قضايا شائكة أما الدكتور سامح زكي أخصائي الأمراض الباطنية يقول ستظل مشكلة عدم توفر أسرة للتنويم وطول قائمة الانتظار من القضايا الشائكة التي تحتاج لحلول جذرية تتمثل في التوسع في انشاء مستشفيات سواء حكومية أو خاصة ومراعاة الكثافة السكانية لكل مدينة حتى نصل الى حل لهذه المشكلة . ففي مجال الأمراض الباطنية يندرج عدد كبير ونسبة ليست قليلة تحت بند التنويم يحتاجون الى فحوصات وعلاج داخل المستشفى وبالتالي لا يمكن علاج مثل هذه الحالات في المنزل ومع الوضع في الاعتبار أن المجمعات الطبية تقوم بدور هام في مساعدة المستشفيات سواء الحكومية أو الخاصة لكنها في حالات التنويم لا تقوم بأي دور لانها حالات مستشفيات . فإذا كانت حالات الجراحة معروف عنها أنها حالات مستشفيات كذلك فهناك أمراض في طب الباطنية لابد لها من تنويم اصحابها ولايمكن علاجها في عيادات خارجية على الإطلاق. مستشفيات جديدة وفي نفس السياق أوضحت الدكتورة ريم عاصم أخصائية الأمراض الجلدية بقولها " أن مشكلة التنويم وعدم وجود أسرة كافية للمرضى هي إحدى أكبر المشكلات التي تواجه القطاع الطبي فهناك دائماً فارق في النسبة بين ما يحتاجه التنويم وعدد الأسرة المتاحة في أي مستشفى ولذلك نجد قوائم الانتظار دائماً حاضرة على الساحة الطبية ولابد من العمل على ايجاد حلول لذلك والحلول لن تخرج عن زيادة عدد المستشفيات وعدد الاسرة وانتشارها في المدن الكبرى ذات الكثافة العالية من السكان وأيضاً يمكننا التوسع في انشاء "مراكز جراحات اليوم الواحد" لأنها تساعد بدرجة كبيرة في حالات التنويم والجراحة التي لا تحتاج إلا يوماً واحداً يستطيع المريض بعدها العودة إلى منزله . مشكلة قديمة وقال الدكتور مهند مصطفى أخصائي أول مختبرات طبية أن مشكلة التنويم وقلة عدد الأسرة ليست وليدة اليوم ولكنها قديمة ويرجع ذلك إلى زيادة الكثافة السكانية مع عدم تناسب عدد المستشفيات والتوسع فيها بنفس نسبة الزيادة في عدد السكان ونجد أنه في مجال المختبرات تمر علينا فحوصات المرضى سواء المحولين من أقسام الباطنية أو النساء والولادة أو الأطفال وغيرهم فنلاحظ أن حالات كثيرة منهم تحتاج للتنويم ولا يمكن علاجها في العيادة الخاصة أو العيادات الخارجية لذلك لابد لهم من التنويم فيجب العمل على حل هذه المشكلة وزيادة عدد المستشفيات . عيادات الأسنان قليلة ولا تلبي الحاجة الدكتور مازن عبدالغني أخصائي تقويم الأسنان قال بأن خدمات طب الأسنان تشهد حالياً إقبالاً وطلباً كبيراً وفي المقابل لاتفي المستشفيات والمراكز الصحية بالحاجة وبقاء المرافق الحكومية مثلاً على عدد محدود من عيادات الأسنان لن يحقق الدور المطلوب وبالتالي نجد حالياً الاعتماد على القطاع الخاص أكثر من الحكومي في خدمات طب الأسنان التي تحتاجها كافة الشرائح في المجتمع حين تشير الإحصائيات إلى أن 95% من أفراد المجتمع يعانون من مشاكل الأسنان كما أن طب الأسنان لايقتصر العلاج منه على جلسة واحدة فقط بل هو إجراء جراحي ويحتاج الطبيب أحياناً إلى وقت كبير لإنجازه وقد يكون فيه تخدير عام للمريض ومن هنا نجد أن استيعاب العيادات في المستشفيات العامة والخاصة قليل جداً. وأضاف هناك نقص في الاستيعاب وفي عدد الاسرة المخصصة لطب الأسنان مقارنة بالطب العام في المستشفيات العامة والخاصة للحالات التي يصعب علاجها بالعيادات وتحتاج إلى تخدير عام وعلاج أسنان الاطفال المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة وحالات الجراحة التي تستدعي التخدير الكامل وحالات كسور الأسنان والاصابات الناتجة عن الحوادث وخلافه والحالات الجراحية لكسور وإصابات الوجه والفكين وبالتالي خدمياً لابد من وجود إستيعاب كبير أو مستشفى متخصص يشمل عيادات كافية وكوادر مختصة في كل التخصصات ويتميز بقدرة إستيعابيه من حيث العيادات والسعة السريرية. وبالنسبة للعمليات في طب وجراحة الأسنان وعلاقته بالأسرة في المستشفيات هي عمليات ليوم واحد للذين يحتاجون للتخدير العام ولعلاج الحالات المعقدة المحولة مثل حالات الأسنان والإصابات الناتجة عن الحوادث وكسور وإصابات الوجه والفكين. انخفاض عدد الأسرة في المستشفيات أظهرت إحصائية لوزارة الصحة انخفاضا في عدد الأسرة في المستشفيات مقارنة بنسبة السكان، إذ وصلت إلى معدل سرير لكل ألف نسمة، متدنية عن المعدل العالمي الذي يحدد سبعة أسرّة لكل ألف نسمة في حده الأعلى، وثلاثة لكل ألف شخص كحد أدنى. وطبقاً للإحصائية فإن عدد سكان السعودية تجاوز ال29 مليون نسمة، يقابلهم 35 ألف سرير، مما يشير إلى العجز في هذا الجانب. وتصدرت منطقة مكةالمكرمة قائمة المناطق السعودية الأكثر شحا في نسبة الأسرّة إلى حجم السكان، البالغ عددهم 7.5 ملايين نسمة، بواقع سرير واحد لكل 1100 شخص. وفي المقابل، احتلت منطقة الجوف رأس القائمة في وفرة عدد الأسرّة، بسرير واحد مقابل كل 350 شخصا، فيما تساوت معظم المناطق في عدد الأسرة، بسرير لكل ألف نسمة. ويأتي ذلك في وقت بلغ فيه ما خصص لقطاعات الخدمات الصحية والتنمية الاجتماعية من ميزانية الدولة لهذا العام نحو 108 مليارات ريال، بزيادة نسبتها 8% عن العام الماضي، حيث تضمنت الميزانية مشاريع صحية لاستكمال إنشاء وتجهيز مراكز الرعاية الصحية الأولية في جميع المناطق، ومشاريع لإنشاء 11 مستشفىً جديداً، ومجمعين طبيين، و11 مركزاً طبياً و10 عيادات شاملة، إضافة إلى استكمال تأثيث وتجهيز عدد من المرافق الصحية والإسكان وتطوير المستشفيات القائمة. ويجري حالياً تنفيذ 132 مستشفى جديداً بمناطق السعودية، بطاقة 33750 سريراً، بالإضافة إلى خمس مدن طبية بمختلف المناطق بسعة 6200 سرير.