علاقة شائكة ومعقدة جدًا، تلك التي تجمع منتخب التانغو الأرجنتيني وقائده ليونيل ميسي، الذي يعتبره كثيرون أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم. فالفائز بجائزة الكرة الذهبية خمس مرات؛ بوصفه أفضل لاعب في العالم، والمتوج مع فريقه برشلونة بكل ما يحلم به أي لاعب كرة القدم حتى أتخمت خزانته بالألقاب الجماعية والجوائز الفردية، لا تزال خزانته متعطشة للقب كبير بقميص منتخب “التانغو. ميسي خاض 3 نهائيات متتالية في مونديال البرازيل 2014 وكوبا أميركا 2015 ، و2016، وخسرها كلها. وخسر منتخب الأرجنتين في افتتاح مبارياته بكوبا أميركا 2019 أمام كولومبيا بهدفين دون رد، في سابقة لم تحصل منذ أربعين عاما. فشل ولوم أينما يحل “ابن روساريو” يلقى التقدير والترحيب إلا في بلاده، التي تلومه على فشله في تكرار تألق الأسطورة دييغو مارادونا الفائز بمونديال 1986، وحتى عندما أمر عمدة بلدية العاصمة بيونس آيريس بإقامة تمثال من البرونز لميسي في “شارع الجماهير” عرفانا وتقديرا له، حُطم مرتين من قبل أهالي المدينة. وقد نختلف مع الطريقة التي يعامل بها ميسي في بلاده، لكن هناك من يقول: إن عشاق الكرة في الأرجنتين كانوا يُمنون النفس بلقب كبير قبل أن يسدل الستار على مسيرته الدولية بعدما بلغ سنه 32 عاما. والقصة تعود إلى 2003 حينما تعاقد ميسي مع أكاديمية لاماسيا الشهيرة، وحينها كان يحتاج لعلاج مرتفع الثمن لمرض نقص النمو الذي كان يعاني منه، ومن وقتها تحوّل “ميسي الأرجنتيني” إلى “ميسي الكتالوني” وتأقلم مع الحياة في إسبانيا، ولكن عندما عرضت عليه الجنسية الإسبانية والانضمام “للماتادور” لم يكن يخطر في باله أن إسبانيا ستسيطر على كرة القدم العالمية وتفوز بكأس أمم أوروبا 2008 ومونديال 2010 وأمم أوروبا 2012، وكان يحلم باليوم التي يرتدي فيه قميص “الألباسيلستي” صاحب التاريخ والإنجازات. وكان “الشعب المحب للكرة بشكل جنوني” ينظر إلى ميسي كمنقذ سيعيد منتخب بلادهم لمنصات التتويج بعد غياب عن الفوز بلقب كبير منذ 1993، ولهذا فإن ردة الفعل ضد ميسي جاءت قاسية وكأنه ارتكب جريمة “شائنة”. شبح مارادونا يرى كثيرون أن مقارنة ميسي بمارادونا أو “البيبي دي أورو” ظالمة، ورغم كل ما يقال بأن مارادونا فاز باللقب العالمي لوحده، فإن الأسماء التي كانت في هذا الفريق ساهمت بشكل كبير في الفوز، في مقدمتهم بورشاكا وخورخي فالدانو وغيرهما من الجيل الذهبي للألباسيلستي. ويحمل بعض عشاق الكرة الأرجنتينية مارادونا مسؤولية ما يجري مع المنتخب، متحدثين عن “لعنة” الهدف الذي سجله بيده في مرمى إنجلترا بربع نهائي مونديال 1986، ومعتبرين أنه منذ تلك اللحظة لم يعرف منتخب الأرجنتين التوفيق والتتويج. وبالعودة لمقارنة بين اللاعبين الذين زاملوا مارادونا وميسي، يستشهد المتابعون بتمريرة مارادونا لبورشاكا الذي سجل منها هدف الفوز 3-2 على ألمانيا الغربية قبل ست دقائق من النهاية وتوج باللقب، في حين سنحت فرصة أسهل بنهائي مونديال 2014 لغونزالو هيغواين الذي أهدرها برعونة كبيرة لتعود ألمانيا وتسجل هدفا عن طريق ماريو غوتزه، وتخسر “أرجنتين ميسي” اللقب الذي كان قريبا جدا. ولم يكن طيف وظل مارادونا اللاعب منصبا على ميسي فقط، فعندما تولى “دييغو” تدريب منتخب “التانغو” عامين ونصف العام، مر ميسي بأسوأ فتراته الدولية مع المنتخب، ولم يسجل أي هدف دولي طيلة هذه الفترة. \ورغم أن مارادونا نال شهرته في أوروبا مع برشلوة، وتألق مع نابولي لسبع سنوات ولعب مع إشبيلية في الليغا، فإنه أمضى ست سنوات مع فريق “أرجنتينيوس جونيورز” ولعب مع بوكا جونيورز في بداية ونهاية مسيرته، كما لعب عاما واحدا مع “نيولز أولد بويز”، أي أن حاله كحال مواطنيه كارلوس تيفيز وخوان ريكيلمي اللذين لعبا في الدوري المحلي، عكس ميسي الذي كبر ولعب وتفجرت موهبته في برشلونة. الهداف التاريخي وفي هذه النقطة يقول المدافعون عن ميسي إنه ظلم لأن الجماهير الأرجنتينية لم تتعرف عليه لاعبا، في حين يشير منتقدونه إلى أنه “كتالوني حقيقي وأرجنتيني مزيف”. ورغم كل ما سبق من الاتهامات والانتقادات، فإن الأرقام تفيد بأن ميسي هو الهداف التاريخي لمنتخب الأرجنتين ب67 هدفا، متفوقا على كل من غابرييل باتيتسوتا (54 هدفا) و سرجيو أغويرو (39 هدفا) وهيرنان كريسبو (35 هدفا) ومارادونا (34 هدفا).