قبل أيام توقف نبض الحياة في العالم نتيجة توقف وانقطاع الواتس اب عن العمل ..وتوقفت قلوبنا معه ..وبدأنا نتساءل ماذا حدث؟ .ولجأنا إلي البدائل المكلفة كالمكالمات الهاتفية ..والرسائل القصيرة نستوضح السبب ..الذي كنا نعتقد بالتأكيد انه ناتج عن شركات الاتصالات عندنا ..حيث لديها مفاتيح الحل والربط ..والجباية ..اعتقدنا انهم اوقفوا وفصلوا شرايين الحياة عن البرنامج لاسباب خبيثة ( ربما لدواعي امنية) هذا كان حال كل شعوب الدنيا التي انقطعت عنها هذه الخدمة ..وادركنا جميعا ..كم هي اصبحت خدمة مهمة وملحة بالرغم من شكاوانا بإساءة استعمال البعض لها ..ولقد تحولت من رفاهية الى احتياج جارف ومهم .. فهناك من يطمئن علي مريض ..وآخر يبحث عن اجابة عن سؤال او استفسار من صديق .. وهناك من يرسل رسالة حب ..وآخر يعقد صفقة تجارية ..وثالث يبحث عن مستشفي الخ.. لقد اصبحت هذه البرامج عصب الحياة. وانا غارق في حيرتي لما يجري تساءلت بل احييت سؤالا طالما شاغلني ..( كيف كانت ستكون عليه الحياة في غياب الكمبيوتر والانترنت من حياتنا ..؟ ) .او بصيغة اخري ( لو لم نخترع الكمبيوتر كيف ستكون عليه الحياة ؟ ) عزيزي القارئ .. انا والبعض منكم ممن يقرأ مقالي .. يدرك اننا جيل خبر عصرين .. عصر ما قبل الكمبيوتر. وعصر مابعد اختراعه .. ونعرف وندرك كم كنا نعاني في هذه الحياة دون الكمبيوتر ..كنا ( نضرب المشوار) الي احد الاماكن ونقضي الساعات بحثا عن العنوان دون جوجل .. كانت رسائلنا تأخذ اسابيع واشهر حتي تصل الي من نحب ..اما اليوم فهي تأخذ جزءا من الثانية .. كان يجب علينا الذهاب الي المكتبة للبحث عن موضوع او اجابة عن سؤال ..اما اليوم فنتصفح عشرات الالوف من الكتب والصفحات بضغطة اصبع ونحن في غرف نومنا ..كنا نعاني من امراض وننتظر صناعة الدواء سنينا ..اما اليوم فنحصل عليه مصنعا في الفضاء او من خلال الطابعة ثلاثية الابعاد ..في السابق كان الطبيب يفتح بطن المريض بالمشرط ليبحث عن سبب آلامه ويستأصلها ..اما اليوم فهو يصل الي احشاء المريض عن طريق فتحة غاية في الصغر .. ياصديقي. . تصور مدارسنا واعمالنا دون اجهزة الكمبيوتر .. ومصانعنا دون الروبوتات .. والمستشفيات دون اجهزة الرنين المغناطيسي ..وبناء ناطحات السحاب دون اجهزة الرسوم الهندسية وبرامجها .. كيف كنا سنشاهد ونتعايش مع احداث العالم دون اجهزة البث المباشر. كيف ستكون حياتنا دون وسائط التواصل الاجتماعي من فيسبوك وانستجرام وغيرها ..والتي يسرت لنا ومكنتنا من المشاركة لافراحنا واتراحنا ودردشاتنا ورسائلنا القصيرة وطويلة الكلمة والتيلة .. لا شك ان الكمبيوتر غير خارطة شركات الاعمال علي سطح الكرة الارضية فلدينا اليوم مايكرو سوفت ..وجوجل .. وآبل ..وسامسونج .. وامازون ..واوبر …الخ والاهم والاعظم من كل ذلك كيف سيكون حال البشرية في قطاع التعليم دون الكمبيوتر ..وكيف كنا سنواجه الامية والحرمان من عدم نشر المعرفة المعلوماتية وتبادلها واقتسامها . عزيزي القارئ اعلم انك شديد الادراك على ماهية الحياة دون الكمبيوتر ..ولكن ما قصدته وهدفت اليه ..هو مناقشة الموضوع من زاوية اخري علي درجة عالية من الاهمية وهي .. الحيرة التي تواجهنا ونحن نلبي او نرفض احتياجات ومتطلبات اطفالنا وابنائنا لاجهزة الكمبيوتر ..والصراع النفسي الذي نمر به ونعانيه في مرحلة اتخاذ القرار ..بالشراء او الاستعمال من عدمه ..او الرضوخ لهم ولطلباتهم ..وهل من الحكمة حرمانهم من الكمبيوتر او تقليص الساعات التي سيقضونها في التعامل معه ..وخصوصا اذا ما علمنا ان 60% من الوظائف والاعمال في عالمنا اليوم تعتمد علي الكمبيوتر .. وان ابناءنا سيكونون خلال العشرين سنة القادمة مؤهلون للعمل في تلك الشركات .. فاذاحرمناهم من الكمبيوتر فسوف يعانون من الامية الكمبيوترية والرقمية والتكنولوجية … انني ادعو رجال الفكر والاجتماع وعلم النفس ومراكز الفكر ان وجدت في عالمنا العربي لبحث هذا الموضوع الحيوي ووضع التشريعات والقوانين الخاصة بحقوق الطفولة في محو الامية الكمبيوترية والرقمية وما يدور في فلكها ..حيث ان حرمانهم منها هو حرمانهم من نبض الحياة .. وتذكروا اننا كنا نواجه بالامس نفس تحديات الكمبيوتر والنت مع الكتب والصحف والمجلات ..فهي ايضا كانت ولا زالت تحمل الغث والثمين .. ولكن العالم تغير وحل الكمبيوتر محل الكتاب ..فماذا نحن فاعلون؟.