فاروق صالح باسلامة للرواد الادباء في كل عصر وفي كل مصر او قطر من الاقطار او بلاد من البلدان في عالمنا الفسيح آراء ومواقف تعن لهم من جراء الاطلاع والبحث الادبي والمعرفي يسلكونها فيما كتبوا وألفوا من الكتب والمقالات او عن طريق القول والرواية الادبية عن سماع ومشافهة، وعلى سبيل المثال الاستاذ الرائد محمد سعيد العامدي الذي اروي عنه بعض الآراء الادبية واللغوية مما سمعت من احاديثه في الادب واللغة والشعر من ذلك رأيه عن الاديب اللبناني ميخائيل نعيمة قائلا: ان لمؤلفاته رنيماً واصداءً عجيبة تحلو قراءتها نظرياً وفكرياً وفنياً، بيد ان العامودي يفضل كتابه "في مهب الريح" الذي يرحل المؤلف من خلاله نحو افاق رحبة وجميلة ينعش التفكير ويصيد الرأي الطائر والادب الميسر الرائع وهو الكتاب الذي قرأه بعد مؤلفات نعيمة كلها كالآباء والبنون" و" الغربال" و" وكرم على درب" ذلك ان في مهب الريح، اسلوبه السردي وفكره الثقافي وحصيلته الادبية – لذلك انتقاء العامودي على بقية كتب ميخائيل نعيمة الحاوية على رؤى فكرية ولمسات معرفية وملامح معنوية، رأي آخر للعامودي الرائد يرى من خلاله ان كتاب عباس محمود العقاد عن سيرته "أنا ليس افضل من كتابه "حياة قلم" فيما يرى العكس ابنه الاديب المحامي محمد عمر العامودي في لقاء اذاعي قديم في جدة ان كتاب انا للعقاد افضل من الطرح من حياة قلم الذي اشاطر اباه في الرأي انا بعكس رأي العامودي الابن، فالعامودي الادب يرى بالرؤية الثقافية ان حياة قلم يحتوي على تجارب كتابات العقاد القلمية طوال مسيرته الادبية والفكرية والصحافية اما كتاب انا فهو تاريخ او سيرة ذاتية لحياة العقاد الشخصية والتاريخية ومسيرة خاصة عن ميلاده في اسواق ثم الى مصر المحروسة. كما يعمل هذا الكتاب محاورات اضائية للعقاد وردوده على النقاد وحواراته مع الآخرين وعمله اليومي في الصحافة والاذاعة والاعلام. اما عن الشعر العربي فللاستاذ نظرات في هذا الشعر. وقد كنت معه في مجلسه عشية من العشيات في مكة – فرويت له قول زهير بن ابي سلمى الشاعر الجاهلي المعروف: ومعها امرئ من خليقة وان خالها على الناس تعلم فشرح الاستاذ البيت الشعري هذا لغوياً وصرفياً وبلاغياً متناولاً المعنى العميق من هذا البيت حيث مهما كان الإنسان يظن اختفاء صفة او دين دس معنوي في صدره فان الناس يعلمونه وسرعان ما تنكشف هذه الحقيقة امامهم والطبع الاعلى هو الاصل فطرة اللله التي فطر الناس عليها وفي المثل الدارج "الطبع يغلب التطبع" مؤكدا بذلك على فطرة الله تعالى الوهاب. ومن آرائه كذلك بروز الاديب الجاحظ كاعظم اديب في تاريخ الادب العربي القديم والعقاد اديب الادب الحديث مقارنا بين الاديبين الكبيرين، ومفضلا احياناً بينهما في الانتاج والابداع ونبوغهما في مسيرة الادب العربي العام والفكر الانساني خاصة. كما ان العامودي في سياق الادب العربي السعودي المعاصر يرى الاستاذ محمد سرور الصبان وهو الاديب الحجازي على الادب المحلي بصفة عامة ناظراً الى كتابي الصبان "ادب الحجاز" و"المعرض" وهما الكتابان اللذين قاما بدور النقلة الفكرية للادب السعودي الحديث او الحركة الادبية في المملكة العربية السعودية، الشأن الذي يعد الصبان الوابلد الاول ثم اتى العواد وشحاته والفقي والسباعي والغزاوي وابن خميس والعقيلي والربيع والزمخشري كرواد ورياديين في تاريخ الادب السعودي الحديث. ويرى العامودي ايضا في عالم الكتابة الادبية والدينية طالما اننا في هذا السياق ان ابا محمد احمد جمال ككاتب ملتزم ينظر الى رسالته الكتابية سبعين بالمئة كالتزام روحي وديني والنسبة المئوية المتبقية مادياً وأدبياً وعملياً صحفياً أما محمد حسن كتبي في صيف العام 1390ه – 1970م كان يكتب في صحيفة المدينةالمنورة سلسلة من المنقالات عن التضامن الاسلامي دعوة النملك فيصل بن عبدالعزيز طيب الله ثراه فكان ان علق الاستاذ العامودي ان الكتبي يطمح الى التسلق ليل الوزارة، وبالفعل سبحان الله لم يأت شهر رمضان في ذلك العام حتى أصدر الملك فيصل مرسومه بتعيين الكتبي وزيرا للحج والاوقاف، الامر الذي تنبأ به الاستاذ ولله في خلقه شؤون. ومن رأي العامودي في الشعر انه الذي يأتي على سجية الشاعر وانطباعيته، قلت: ولقد كان شعر الاستاذ هكذا على سجيته في درب الشعراء الاصل والادباء الفعل، اي على قول القائل: ولست بنحوي يلوك لسانه ولكن سيلقي اقول فأعرب ومن آرائه في مجال العالم الفلسفي ورواده اي رواده من فلاسفة الالمان على سبيل المثال ان شوينهاور هو افلحهم في الفلسفة واجودهم فيها. الشيء المفضل فكرياً وأدبياً عند الاستاذ الذي يحمل أفقاً واسعاً من الفكر ومن الرأي الانساني ما لم يمس ذلك الخط الاحمر والباب الممنوع دخوله فلسفيا وعقائدياً. إن الاستاذ محمد سعيد العامودي اديب واسع المعرفة بالاداب والعلوم والثقافة الدينية ليس عصبياً في رأيه بل انه يتقبل الآراء العامة أياً كان مصدرها ما لم يطال الدين في اصله ومجتمعه في عرفه وتقاليده التراثية المعروفة والمتداولة بين سائر الناس في هذا المجتمع الذي يحمل الاصالة والمعاصرة في سوالكه في الحياة الدنيا وسبل وطرق المستقبل وكما قال المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجعان هو اول وهي المكان الثاني فانظر كيف مكن المتنبئ من الرأي وجعل الشجاعة بعد مكانة الرأي الانساني ورؤيته الشخصية، وكان يروي – العامودي – العبارة الخاتمة المعتادة لكلمة كامل مروة – الصحافي اللبناني "قل كلمتك وامش في صحيفة "الحياة" تيمناً بهذه العبارة السلسة وخلفيتها العامية الشيء الذي يستحسنه كثير من القراء من الناحية الاعلامية والتثقيفية والإنسانية. هذا غيض من فيض حيث ان آراء الاديب جمة وغفيرة وثرة ونجيبة من معين الاستاذ العامودي رأياً ورؤية وموقفاً ثقافياً ونظرات ادبية في الادب وعوامله والثقافة ودنياها، والمعرفة ومجالاتها الرحبة. فمن ذلك ايضا مشاطرته الرأي لمن يرون ان دولة كالسويد شعبها شعب مثقف وامة محبة لقراءة الثقافة علومها وآدابها وفنونها، وترقي نسبيتها في القراءة الى اعلى التسعين بالمائة من عدد السكان وهي رؤية ثقافية للاستاذ ورأي عام مشترك يشاطره الكثير من المثقفين ومحبي الثقافة العامة. رحم الله الاستاذ محمد سعيد العامودي والثاني من شهر شعبان ذكرى رحيله 2/ 8/ 1411ه رحمهة واسعة.