ليس من شك اننا ننشد السعادة.. وننفر من الألم.. حتى لقد ذهب البعض منا أنه لا يعرف سوى خير واحد.. هو الحب ينبعث من جنباته فينشره ضياء على بني جنسه.. ويذهب آخرون إلى أن التعلق بمثل هذه السعادة قد يكون مصدر شقاء وألم.. بيد أنه يطعن آخرين لأن الإنسان بطبيعته ينشد الخير ويترك هموماً قد لا يجدي بها التفكير.. وإن أجدى فإنه يكون مبعث شقاء ومصدر هموم.. وتعليلهم في ذلك أن حياتهم هي وقتهم الذي يقتنصونه من لذة حاضرهم فيعيشونه آخذين في اعتبارهم انه يس لهم سواها. ولكنني أرى ان السعادة .. هي الخير.. والغاية لمعظم الأفعال الإنسانية التي تصدر من صاحبها.. إلا أن الألم واحتسابه في بعض الأحيان مصدر سعادة أيضاً ذلك لتعويد التفكير الإنساني مجريات أمور الحياة والاصطبار عليها.. فالإفراط في السعادة قد يؤدي الى عواقب فكرية.. فإذن من الواجب تعديل تفكيرنا إلى ما ننشد من سعادة وخير وحب وألم.. واجتناب اللذات الفكرية التي تجر آلاماً بوصفها وسائل مدينة للسعادة ذاتها. فالحياة الإنسانية بمجموعها اختبارات متواصلة فيما نفعل او نود تحقيقه.. ومجموع سلسلة هذه الاختبارات تنطوي على حكم من أحكام القيم للفعل الأخلاقي أو القيم الجمال أو المنطق والتكامل النفسي. لذا فإن السلوك البشري.. يقوم على التمييز والتفصيل بين هذه الأنماط المتعددة.. فقيمة العمل والقيام به تجيء لتقوم بدور المحرك الفعلي للعمل ذاته.. فصدور الفعل إنما ناتج عن رغبات خاصة تهدف إلى تحقيق غايات معينة وترتبط بالسلوك العام للفرد وتنعكس على حكمه على الاشياء ان كانت ملائمة او غير ملائمة .. مرضية.. أو غير مرضية. إذن فإن سلسلة هذه الاختبارات الصادرة في السلوك البشري هي في صميمها تعامل مع القيم الفلسفية سواء أكانت قيماً للحق والخير والجمال.. أو العقل أو المنطق على حد سواء لأن كل ما في الوجود يستثير الوجدان.. والإرادة لدى الأفراد. ص. ب 52986 جدة 21573