أعود إلى الماضي القريب البعيد .. يترأس العائلة أكبرها .. وهو أحق بالتقدير والطاعة .. وتبرز فيه سمات الإستقامة والبعد عن الخطأ وسداد الرأي .. مع العطف والحنان .. والصلة والكرم .. وما إلى ذلك من صفات حميدة .. تجعله يتربع باقتدار على قلوب العائلة ومقدّراتها .. فكراً ومالاً وإدارةً. وتتكون طِبقاً لذلك ثقافة عائلية خُلقاً واستقامةً وسمعةً طيبة .. تجعلها مميزة عن باقي المؤسسات .. ويتميز القائد لهذه العائلة بأنه لا يتمتع بالعقل والرشد فحسب وإنما بالخبرة والحماس .. وهو الذي يقدر مساعديه وزملائه وأبناؤه وأخوانه بالمشاركة والرأي .. ويقوم بدور الإبتكار وإكتشاف المواهب وتقدير المهارات وتنميتها وتشجيعها .. وتمر الأيام .. ولا يستطيع أن يصمد صانع الكيان أمام طبيعة الأشياء .. فتنقضي سنون الشباب والرجولة .. ويصبح شيخاً هرماً .. تنحل قوته ومكانته وطاعته .. تبدأ الصراعات .. كل يريد أن يبني نفسه .. كل يريد الإستمتاع بالبناء الذاتي .. تتفكك الأسرة تجارياً .. ينهار الكيان .. ويتفرق الجميع .. كما أن حب الذات والبعد الثقافي .. وإختلاف وجهات النظر .. وتباين الأفكار .. وطرق التنفيذ .. وبعض النساء مسببات تجعل الإستمرارية أمراً غير غبر منطقي .. إن صوراً كهذه لا زالت قائمة .. كل يوم تنهار أسر تجارية ناجحة .. تم بناؤها برجال ذوي عزيمة لا تزعزع .. وقوة ومبادئ .. وقدرة إدارية فذة في جمع القلوب بإنسانية حانية حازمة .. ولكن اليوم جيل جديد .. علمٌ أكبر وعمل أكثر ..وفكر أوسع .. وقدرة لا يواكبها السن الذي يحكم الشركة ومقدراتها .. عليه التسليم أو التعليم ..أو المعارضة أو الممانعة كيف يخاطب هذا الجيل وهو ليس منهم .. وثقافته غير ثقافتهم وعلمه غير علمهم .. حتى ما يراه عيباً لا يرونه كما يراه .. أخيراً .. المال هو أصل ومكمن الطمع .. وعين الشهوة .. وتعصب الصراع .. ومنبت الضغينة .. ومأجج النزاع .. المال عندما يلج يحتل المكانة الأولى .. ويطرد الأخلاق والمبادئ السامية والقيم والمُثل .. وبدلاً من المحبة والمودة يصبح القريب غريب .. والأخ عدو .. والعلاقات الصادقة المحبة إلى كره وبُغض .. الصراع باقٍ مادام الإنسان على البسيطة .. إن هناك من البشر يمكن أن يكونوا أهل البناء .. وبأرائهم المحبة للخير .. يجتمع معهم الفرقاء .. موجودون ولكنهم قلة .. ولا ينظر إليهم ولا يُسمعون .. وهم حقيقة من السعداء .. [email protected] فاكس:6514860