أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن ما يعيشه العالم العربي في الوقت الحاضر من تدهور يعود في أحد أهم مسبباته إلى انتزاع الإنسان من المكان، وقيم وأخلاقيات ذلك المكان وسلخه من هويته الوطنية والتاريخية، لافتا إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تنبهت لذلك من خلال ما نفذته مؤخرا من مشاريع لتأهيل التراث وربط المواطن بمواقع التراث والتاريخ التي شهدت قصص الأجداد وملاحمهم في التأسيس والبناء والوحدة. وأشار إلى أن المملكة بدعم واهتمام من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – تشهد تحولاً نوعياً في جهود المحافظة على التراث العمراني ونقلة استثنائية في البرامج والمشاريع المتعلقة به. مشيداً سموه بالاهتمام الكبير لخادم الحرمين الشريفين في دعم التراث الوطني في المملكة على مدى أكثر من 50 عاماً، منذ توليه إمارة منطقة الرياض حتى وقتنا الحاضر الذي توج بتبنيه – حفظه الله – مشروع خادم الحرمين الشريفين للتراث الحضاري، حيث كان – أيده الله – داعماً رئيسا لكل مشروعات وبرامج الحفاظ على التراث الوطني وتنميته واستثماره، ومتابعاً لحراك المشهد الحضاري والتاريخي، وحريصاً بكل ما من شأنه إبراز البعد الحضاري لأرض المملكة، بما يرسخ مكانتها الحضارية وعمقها التاريخي على مدى العصور، وذلك انطلاقا من إيمانه – حفظه الله – باعتبار التراث الوطني أحد المكونات الرئيسة لمستقبل بلادنا. وأكد سموه في كلمته أمس في افتتاح المؤتمر والمعرض الدولي الرابع للحفاظ على التراث العمراني الذي افتتح في دبي برعاية صاحب السمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران المدني رئيس شركة طيران الإمارات، على الأهمية الاقتصادية للتراث العمراني باعتباره موردا اقتصاديا لا ينضب في ظل انحسار موارد النفط وتذبذب الأسعار، مشددا سموه على أن "التراث العمراني آبار نفط غير ناضبة". وبين سموه أن برنامج التحول في المملكة الذي وجه به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وسيعلن عنه قريبا وضع السياحة الوطنية والتراث الوطني أحد الموارد الأساسية في القائمة الأولى لإنتاج فرص العمل والتحول الاقتصادي. ونوه سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بما شهده الاهتمام بالتراث الوطني في المملكة من منجزات توجت ببرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الذي يهتم باستدامة التراث الوطني، وما أصدرته الدولة من أنظمة وفي مقدمتها نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، وقرارات وتأسيس شركات للاستثمار. وقال: "لقد رأيت على المستوى الشخصي الكثير من الأحلام تتحقق، حيث عاصرت نمو الاهتمام بالتراث العمراني منذ منتصف الثمانينات، عندما كانت المسألة محصورة في الجانب الأكاديمي بشكل شبه بحت، وكان المهتمون بفكرة التراث يتجادلون حول أهمية توظيف التراث في تشكيل العمارة المعاصرة في المنطقة، وخلال الثلاثة العقود الماضية كانت هناك محاولات لإعادة الاعتبار للتراث العمراني الوطني، وقد بدأت بنفسي من خلال ترميم بيت الطين بنخيل العذيبات في الدرعية التاريخية عام 1989م، الذي جعلته سكناً لي حتى اليوم، وقد نشرت عددا من الكتب عن هذه التجربة منها كتاب "العودة للأرض"، ثم تشرفت بالرئاسة الفخرية للجمعية السعودية لعلوم العمران، والعمل على ربط التراث العمراني والتعليم، ثم تأسيس مؤسسة التراث الخيرية عام 1996م، التي أعتز بتأسيسها لتعمل اليوم لتعزيز البحث والنشر العملي في مجال التراث العمراني، وتقديم الجوائز المتعددة على مستوى منطقة الخليج، أما النقلة الحقيقية فكانت مع تأسيس الدولة للهيئة العليا للسياحة عام 2001م، والتي تحولت لهيئة عامة للسياحة والآثار عام 2008م، ومؤخرا هيئة للسياحة والتراث الوطني، ومنذ عام 2008م، وقبل ذلك منذ إنشاء الهيئة عام 2001م وضعنا في الاعتبار في استراتيجية تنمية السياحة الوطنية أن يأخذ التراث الوطني وبالأخص التراث العمراني كمسار يتم الاستثمار فيه من اجل المستقبل، ومع بداية نقل وكالة الآثار والمتاحف إلى الهيئة، تم تسجيل مدائن صالح، كموقع أثري وعمراني على لائحة التراث العالمي ثم تلا ذلك الدرعية التاريخية (حي الطريف) العاصمة الأولى للدولة السعودية عام 2010م.