هل كانا شاهدين على صراع مرحلة العقم الفكري في عالم مجهول قد يصل إلى هذا الحد من الحروب المذهبية والتطرف في أحزمة الموت.. ماذا كان يقرأ إيليا أبو ماضي قبل نصه الشعري. فها هو يقول: حر ومذهب.. كل حر مذهبي ما كنت بالغاوي ولا المتعصب ثم يأتي الشاعر اليمني العتيق علي بن علي صبرة ليقول: لا أنا زيدي ولاني شافعي شعب واحد أيها الدنيا اسمعي وحين شدا بالأخيرة أحمد السنيدار قبل أكثر من 06 عاماً اشعل مشاعر وطنية أدت إلى الهروب من جبال وهضاب الموت إلى أحضان جداول الطبيعة وحب الانتماء اليمني للأرض والإنسان. وذلك في حفل من اسدال الستار على كل خلاف مهما كان نوعه. والإيمان قبل كل شيء بما جاءت به عقيدة الأمة التي كانت وماتزال هبة من الله ورحمة بالمؤمنين.. وما تضمنته من ردع لظلم الإنسان للإنسان. قصة لم تبدأ من رؤية إيليا أبو ماضي ولا علي صبرة في زمن العتمة الثقافية وطلاسم الظلام. لكنها امتدت إلى مرحلة حديثة كانت أكثر عنفاً وجهلاً. وحرباً على الإسلام بكل مذاهبه ومخرجاته.. وأخلاقياته العقائدية. لتكون مراحل ذلك التاريخ أقل كارثية وبؤساً.. بل وجنوناً. وفي منعطف تاريخي نعيشه اليوم تبرز ملامح صورة قاتمة بل سوداوية في خاصرة الفكر الإسلامي تتجاوز كل احتمالات العقل من منافذ الجهل والحقد والكراهية. ومرحلة تتفاقم أحداثها المأساوية التي وصلت إلى بيوت الله وقتل المصلين في مشاهد يخجل منها الإنسان المسلم. وغيره من أعداء الإسلام. لكن: هل يمكن القول: إن الأخطار قد تجاوزت أماكن الجرائم بمفهومها العام. وصور مشاهدها وملابسات وقوعها. لتصل إلى ما هو: أخطر في تداعيات وردود الفعل. حيث أصبح التحريض والسجالات المتبادلة بين بعض المواطنين.. يمثل الخطر الأهم في حلقات الممارسة وذلك من طرفي الانتماءات المذهبية للأسف الشديد. وذلك من خلال استغلال وسائل الاتصال الاجتماعي.. وتبادل ما لا ينفع من آراء تهدد وحدة هذا الوطن الذي خاض أكبر تجربة في تاريخ الأمم.. وبالتالي فإن ردود الفعل يجب أن تكون في دوائر ضوء من الوعي والانتماء. دون استدعاء الفتنة. وتأجيجها تحت أي عنوان. هكذا تكون ثقافة الانتماء والمواجهة. ورفض الفرقة بسلاح الخطاب الديني والعقلاني.. وليس بخطاب الأحزمة الناسفة.. على أن الجبهات لم تعد محدودة في مكان أو زمان بقدر ما أصبحت تتوزع في صورة واسعة النطاق على خارطة ملتهبة في كل تضاريسها الجغرافية والسياسية. هذا بالإضافة إلى تسويق صناعة السلاح بجهود ذاتية من متجر الموت الذي لم يكن غائياً عن «لعنة» الشبكة العنكبوتية التي لم يأخذ منها بعض شباب العرب سوى ثقافة القتل.. وليس ثقافة العقل!!. وهنا أيضاً يكتب التاريخ تحولاً لم يشهد قسوة مؤثراته الإجرامية كل الذين كتبوا التاريخ سواء في التوثيق.. أو عكس صورة الحالة في نص الشعر والرواية. و»حكايات» الأزمنة. صحيح أن الإرهاب «سيرة» وانفتحت. لكن ذلك يعني أن وحدة الوطن يجب أن تكون أكثر وأقوى تحدياً وشراسة ضد عناصر الشر مهما كانت انتماءاتهم. على أنه لابد من محاسبة أولئك الذين يباشرون تفخيخ العقول قبل وبعد تفجير المساجد!!.