ارى في زماننا من يتكلم اكثر مما يفعل ويتحدث فيما لا يعنيه، وفي غير مواضع الكلام وفي هذا فساد لاخلاق فمعظم مشاكل الناس قديما وحديثا انما هي من حصاد الالسن التي تذكر الناس بالغيبة والنميمة قال سبحانه (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد) وما أكثر المشكلات الاسرية والاجتماعية التي تندلع شرارتها الاولي بكلمات توغر الصدر فيحدث الشقاق وقد يقع ابغض الحلال. قال تعالى (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن الله ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار) وقد امر الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بالصمت، الا اذا كان الكلام خيرا قال: (من كل يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا او ليصمت) وفي الحديث الصحيح: (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه). قال بعض البلغاء: (الزم الصمت فانه يكسبك صفو المحبة ويؤمنك سوء المغبة ويلبسك ثوب الوقار، ويكفيك مئونة الاعتذار). وقال بعض الفصحاء: (اعقل لسانك إلا عن حق توضحه، أو باطل تدحضه، أو حكمة تنشرها، أو نعمة تذكرها). وقال الشاعر: رأيت العز في أدب وعقل وفي الجهل المذلة والهوان وما حُسن الرجال لهم بحسن إذا لم يُسعد الحُسن بالبيان لقد حرم ديننا الحنيف آفات اللسان كالخوض في الباطل وهو الكلام في المعاصي والتحدث عنها بما يروجها بين الناس ويشيع الفاحشة بينهم وقد قال الله تعالى: (ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والأخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون). اما يدعو للاسف ان الغيبة وهي صفة ذميمة باتت لدى بعض الناس عادة يومية ومن آثامها انها تفسد المجالس وتحبط الاعمال وتأكل الحسنات وتهوي بصاحبها الى النار حتى قال أحد الناس: لو كنت أغتاب احدا لاغتبت أمي وأبي فهم احق الناس بحسناتي لذا فالانشغال بعيوبك اوجب عن عيوب الآخرين، والحرص على اصلاحها. رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم – أناسا يأكلون الجيف فأخبره جبريل عليه السلام: (هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس) ومن اسباب الغيبة والنميمة غياب القدوة الصالحة في بعض البيوت فيتشربها الطفل وينشأ عليها ويتخلى عن أداب الاسلام واخلاقه واحكامه ويطلق العنان للسانه في القيل والقال. قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه (اذا تم العقل وكمل نقص الكلام) وقال لقمان الحكيم: (ان من الكلام ما هو اشد من الحجر في وقعه وأنفذ من وخز الابرة وامر من الصبرة واحر من الجمر) ومن مآثر الحكماء: (من كثر كلامه كثرت آثامه) (مقتل الرجل بين فكيه) (من قال ما لا ينبغي سمع ما لا يشتهي). للامام الشافعي رحمه الله: لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك غورات وللناس اعين ومن اشعاره ايضا: وجدت سكوتي متجرا فلزمته اذا لم اجد ربحا فلست بخاسر وما الصمت الا في الرجال متاجر وتاجره يعلو على كل تاجر ألا سأل كل منا نفسه في كل مجلس متى أتكلم ومتى التزم الصمت؟ اللهم احفظ ألسنتنا وقلوبنا من الغيبة واجعلنا من المتقين للتواصل 6930973