محمد الرفيدي شعر- ضيف الله بن سليمان يمكن أن تقسم النصوص الجديدة إلى أقسام ثلاثة: الأول:النص الموغل في التجديد،لا من حيث الفكرة فقط، وإنما من حيث المفردة أيضآ،لكن(الخلطة السرية) إن صحت التسمية، تكمن في مزج الفكرة الجديدة مع المفردة الجديدة،على أن لا يستأثر الشاعر بحق الاحتفاظ بسر القصيدة، وإلا فما قيمة أن يطرح النص للذوق العام، وهذا الشرك وقع فيه شعراء قبل شاعرنا هذا،أذكر منهم: نايف الجهني ومشرف الشهري(يرحمه الله). الثاني:النص الموغل في التقليدية، وهذا النص-وإن اعتبرناه بحكم حضوره جديداً – كونه أتى في زمن النص الجديد، إلا أنه يبقى تقليدياً بالمعنى القديم للكلمة،ومثل هذه النصوص لا يمكن أن تكون صادمة أو مدهشة، لخلوها من عنصر المفاجأة. الثالث:النص المفاجئ،أو مايمكن أن نطلق عليه(نصاً حقيقياً)لأنه يمثل المرحلة ويتصالح معها، وهو أيضاً نص صادق،ذلك أن كاتبه لم يمارس على المتلقي فوقية الكتابة، وهو نص مشاع أيضاً،لأن كاتبه قد عمل على إشراك غيره معه. وأحسب بعد هذه المقدمة،التي لن يليها كثير كلام،أن نصاً كهذا ليس مفاجئاً ولا تقليدياً، ويمكن تصنيفه بالنص الموغل في الرمزية، والذي لا يمكن التصالح معه بحال،وهذا لا يعني خلوه من بعض الجماليات،التي أتصور أن لبريق المفردة أثره الواضح عليها. سأذكر من هذه الجماليات على سبيل المثال مايلي: وأصعب من إعلان المسير إن عاد للخلف النظر كذلك: نسجت غيم النور واطلقت الحمايم للشجر مع تحفظي على هذا المعنى الذي يضاده شطراً سابقاً له في نصه هذا ،وهو قوله: ينساب لحني في ظلام الليل مرعوب وعنيد لكن لعل الشاعر هنا قصد معنى آخر غير الذي تبادر إلى ذهني. كذلك البيت الذي يكاد يكون مغرداً خارج السرب،وهو قوله: لي حق أطير إذا طريقي صار مسدود وبليد وأنا امتلك جنحان من نبض ومسرات وفكر وأنا أعتقد أن الذي يميز النص المفاجئ هو أن الشاعر يمسك بتلابيب الفكرة، فلا يدعها تنسل من بين يديه إلا إذا أشبعها شعراً، وبالمقابل نجد أن النص الموغل في الرمزية نص مشتت،بمعنى أن القارئ لا يعلم بالضبط ماذا يريد الشاعر منه حينما طرح النص بين يديه؟!!. وهنا تتضح فكرة تعذيب المتلقي(وأعني به هنا:التعذيب الذهني) فالشاعر الموغل في الرمزية يعذب قارئه من حيث يشعر أو لا يشعر، في ذات الوقت الذي يظن فيه أنه قد أمتعه، وهذه من المفارقات العجيبة لهذه النصوص،لكن النص المفاجئ نص ممتع، وقارئه يتمتع بزهو مطلق، وأحسب أنه في بعض الأحيان يمتزج مع النص بدرجة نكاد نشعر معها ويشعر هو أنه هو الذي كتبه. صوتي سحابه يايباب الصمت وغروسي قصيد كسرت محراث اليباس..وسلت من نور ومدر ينساب لحني في ظلام الليل مرعوب وعنيد واصعب من اعلان المسير ان عاد للخلف النظر خلعت كل الباليات وصغت لي صبح جديد مايعترف باحلام الأمس ويخترع قوس وتر النخل يهطل بالنضيد..وللهب شهب الجريد فاس العقوق من اليباس يحطم امه فالكبر مايحرس اسواق السواد الا البياض المستفيد كذبه يطول عمرها..ويروج ليل المحتكر سوق يعطل حاضره باسطورة المجد التليد عكس اتجاهي سيرته نحو التليد المنتظر افرح اذا منه غضب..صدر التوعد والوعيد عزفي يقوده للجنون وتحت قوسي ينتحر ردمت دمع الذل..وقنوت التوسل والعبيد ونسجت غيم النور واطلقت الحمايم للشجر لي حق اطير اذا طريقي صار مسدود وبليد وانا امتلك جنحان من نبض ومسرات وفكر ولكل طاير غنوته..ويقابل المبغض مريد للنور درب مستقيم..وفا المريا ينكسر كل يريد ونختلف.. والله يفعل مايريد والصمت عار المقتدر..في عين(لأفاك الأشر)