قدم الدكتور محمد سالم سرور الصبان المستشار الاقتصادي والنفطي المعروف محاضرة عن تطورات سوق النفط العالمية وتعامل الاقتصاد السعودي مع ازمة انخفاض الإيرادات النفطية، أمس الأول السبت، في ديوانية الاستاذ محمد السالم بحضور العديد من الوجهاء والمثقفين والأكاديميين والدبلوماسيين . فقد أوضح الدكتور الصبان بان دخول سلعة النفط في دورة اقتصادية جديدة تتسم بزيادة المعروض عن الطلب على النفط كان امر متوقعا من قبل المختصين وانه شخصيا قد حذر من ذلك منذ سنوات ثلاث. وذكر بان فترة ارتفاع اسعار النفط لأكثر من مائة دولار للبرميل ولفترة اربع سنوات( 2010-2014)، قد ساهم في التعجيل بالدخول في هذه الدورة، حيث أدت من جهة الى ما يعرف « بهدم الطلب»، وزيادة الاستثمارات والإنتاج من النفط التقليدي والصخري. لذا لا يٌستغرب حجم الفائض الكبير في المعروض النفطي. وأدى تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي وبالذات في الصين الى عدم تحسن الطلب نتيجة انخفاض اسعار النفط، ناهيك عن الانخفاض الكبير الذي لحق بالمرونة السعرية للطلب نتيجة إجراءات الترشيد والإحلال بين مصادر الطاقة المختلفة. وأوضح الدكتور الصبان بان عدم تحرك الاوبك للدفاع عن الاسعار كان منطقيا لتراجع نصيبها في الاسواق إلى اقل من 32%، وعدم استعداد المنتجين الكبار من خارج المنظمة التعاون بتخفيض انتاجهم. وعن مستقبل سوق النفط، ذكر الصبان بان الاسعار قد تتراوح بين 45-50$ للبرميل العام القادم، خاصة في ظل زيادة الفائض نتيجة الزيادة المتوقعة في انتاج كل من ايران والعراق وغيرها. وان مايمكن ان ينقذ الاسعار هو حصول اتفاق بين المنتجين الكبار الذين سيجتمعون في 20 أكتوبر الحالي بتخفيض عادل بينهم للإنتاج النفطي. وأضاف انه لايمكن ان نعلق امالا كبيرة على انخفاض الانتاج النفطي من خارج الاوبك وعلى الأخص انتاج النفط الصخري الذي تزايدت كفاءته الانتاجية وانخفضت تكاليفه بدرجة كبيرة وساعد في ذلك التطور التكنولوجي المتلاحق. وفيما يتعلق بالاقتصاد السعودي ذكر الصبان بان عجز الميزانية آخذ في التزايد نتيجة عدم المساس بأوجه الانفاق الاساسية من تعليم وصحة وتجهيزات أساسية. وانه وبالرغم من إجراءات ترشيد الانفاق التي بدأت الحكومة في اتباعها وحل مشكلات المشروعات المتعثرة وإيقاف الهدر الا انها استمرت في السحب من الاحتياطي المالي من جهة والاقتراض محليا. كما ان الدين العام لا زال عند مستويات متدنية لاتزيد نسبته عن 1،7% من اجمالي الناتج المحلي. وتطرق الدكتور الصبان في ختام محاضرته الى مجموعة الإجراءات التي يمكن للحكومة تبنيها لزيادة الإيرادات من جهة وتقليص المصروفات من جهة اخرى ومنها مراجعة وترشيد كافة انواع الدعم وبطريقة لاتمس احتياجات المواطن ذي الدخل المحدود، والإسراع بمشروعات التنويع الاقتصادي مثل مشروعات الطاقة المتجددة وإقامة الصناعات التحويلية، وفوق كل هذا وذاك سرعة تطبيق استراتيجية التحول الى مجتمع معرفي. وأجاب الدكتور الصبان على أسئلة الحضور موضحا انه لا يجب الاستغراق في التشاؤم كما رفض التفاؤل المفرط، وذكر انه لا وقت لدينا لإضاعته وان الكرة هي الآن في ملعب مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وعليه الإسراع في تطبيق كل خطوات الإصلاح الاقتصادي المطلوبة دون تأخير.