حدد المستشار الاقتصادي الدكتور محمد سالم سرور الصبان ثلاثة عوامل رئيسة أسهمت في تعجيل دخول النفط دورة جديدة تتسم بزيادة المعروض عن الطلب. 1- ارتفاع وتيرة أسعار النفط خلال أربعة أعوام متتالية منذ 2010 حتى 2014 لأكثر من مئة دولار. 2- تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي. 3- الانخفاض الكبير الذي لحق بالمرونة السعرية للطلب نتيجة إجراءات الترشيد والإحلال بين مصادر الطاقة المختلفة. وقال الصبان خلال محاضرة عن تطورات سوق النفط العالمية وتعامل الاقتصاد السعودي مع أزمة انخفاض الإيرادات النفطية، عقدها أول من أمس في ديوانيته بحضور عدد من المثقفين والأكاديميين والديبلوماسيين، إن دخول سلعة النفط في دورة اقتصادية جديدة تتسم بزيادة المعروض عن الطلب على النفط كان أمرا متوقعا من قبل المتخصصين ومنه شخصيا، حيث حذر من ذلك قبل سنوات ثلاث. دورة نفطية جديدة وذكر الصبان أن فترة ارتفاع أسعار النفط لأكثر من مئة دولار للبرميل ولفترة أربع سنوات "2010-2014"، قد أسهم في التعجيل بالدخول في هذه الدورة، حيث أدت من جهة إلى ما يعرف بهدم الطلب، وزيادة الاستثمارات والإنتاج من النفط التقليدي والصخري، مضيفا: "لذا لا يستغرب حجم الفائض الكبير في المعروض النفطي، وأدى تراجع وتيرة نمو الاقتصاد العالمي وبالذات في الصين إلى عدم تحسن الطلب نتيجة انخفاض أسعار النفط، ناهيك عن الانخفاض الكبير الذي لحق بالمرونة السعرية للطلب نتيجة إجراءات الترشيد والإحلال بين مصادر الطاقة المختلفة". وأعتبر الدكتور الصبان أن عدم تحرك الأوبك للدفاع عن الأسعار بالمنطق، وذلك لتراجع نصيبها في الأسواق إلى أقل من 32٪، وعدم استعداد المنتجين الكبار من خارج المنظمة التعاون بتخفيض إنتاجهم. أما عن مستقبل سوق النفط، ذكر الصبان أن الأسعار قد تتراوح بين 45-50 دولارا للبرميل العام القادم، خاصة في ظل زيادة الفائض نتيجة الزيادة المتوقعة في إنتاج كل من إيران والعراق وغيرها، وأن ما يمكن أن ينقذ الأسعار هو حصول اتفاق بين المنتجين الكبار الذين سيجتمعون في 20 أكتوبر الجاري بتخفيض عادل بينهم للإنتاج النفطي، مضيفا أنه لا يمكن تعليق آمال كبيرة على انخفاض الإنتاج النفطي من خارج أوبك، وعلى الأخص إنتاج النفط الصخري الذي تزايدت كفاءته الإنتاجية وانخفضت تكاليفه بدرجة كبيرة وساعد في ذلك التطور التكنولوجي المتلاحق. الاقتصاد السعودي وفيما يتعلق بالاقتصاد السعودي، ذكر الصبان أن عجز الموازنة آخذ في التزايد نتيجة عدم المساس بأوجه الإنفاق الأساسية من تعليم وصحة وتجهيزات أساسية، ناهيك عن التمويل اللازم والضروري للحرب في اليمن، مشيرا إلى أنه بالرغم من إجراءات ترشيد الإنفاق التي بدأت الحكومة في اتباعها وحل مشكلات المشاريع المتعثرة وإيقاف الهدر، إلا أنها استمرت في السحب من الاحتياطي المالي من جهة والاقتراض محليا، في حين أن الدين العام ما يزال عند مستويات متدنية لا تزيد نسبته عن 1،7٪ من إجمالي الناتج المحلي. وتطرق الدكتور الصبان في ختام محاضرته إلى مجموعة الإجراءات التي يمكن للحكومة تبنيها لزيادة الإيرادات من جهة وتقليص المصروفات من جهة أخرى، ومنها مراجعة وترشيد كل أنواع الدعم وبطريقة لا تمس حاجات المواطن ذي الدخل المحدود، والإسراع بمشاريع التنويع الاقتصادي مثل مشاريع الطاقة المتجددة وإقامة الصناعات التحويلية، وفوق كل هذا وذاك سرعة تطبيق استراتيجية التحول إلى مجتمع معرفي. وأجاب الدكتور الصبان على أسئلة الحضور، موضحا أنه لا يجب الاستغراق في التشاؤم كما رفض التفاؤل المفرط، وقال: "لا وقت لدينا لإضاعته، وأن الكرة في ملعب مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومن الأهمية بمكان الإسراع في تطبيق كل خطوات الإصلاح الاقتصادي المطلوبة دون تأخير".