كان واحداً من أولئك الذين ملؤا – الساح – فعلاً وعملاً.. بتلك الوقفات التي كان يقفها تحت الشمس.. معطياً من ذاته حب الوقوف أمام كل ما يراه غير سوي الطلعة.. او النهج وكان يملك من اسلوب السخرية ما يجعله أكثر دخولاً الى نفوس المتلقين.. من أولهم من يكون من تحت "شوايته" اللاهبة للظهور حتى يكاد يستلذ بشواظه .. في تلك الفترة التي كانت نادرة لدى كثيرين ممن يتعاطون الفعل الكتابي. لقد كان كاتباً اتياً من تلك المدينة الساكنة على البحر الضاجة بالفكر وبالفن والثقافة فاعطته من حضورها قوة المواجهة.. فأنبتته جذراً متينا في أرض معطاء حتى إذا ما ذهبت به الأيام الى مدن اخرى اكثر اتساعاً وحضوراً لم يضيع في غمارها لذلك التأسيس الذي كان عليه. ولكن لماذا خفت صوته الآن.. أذكر أنني قلت ذات يوم متسائلاً.. وأنا استعرض عموده تحت الشمس أن قلت: تذكرني.. بتلك "الوقفة" التي كانت تأتي بها كل أسبوع.. لتعطينا نبضاً حياً يعني تواجدك وتفاعلك.. ولعل من المناسب جداً أن أطرح عليك.. وأنت في عزلتك التي اتخذتها بكل ارادتك وطيب خاطرك كل ما لدي ولعلي لا أكون.. خائب الذاكرة.. عندما استرجع الآن شيئاً مما قلته أنت منذ أعوام وأنت تتساءل عن توقف "المعارك" الادبية فقلت: نتساءل عن توقف المعارك الادبية التي كانت دليل عافية.. وحيوية.. وتفاعل وتأثير على الساحة الادبية في بلادنا.. الى أن تقول: ركود "الحركة الادبية" عندنا وتوقف معارك الأدباء عندنا ومن ثم نشوء نوع من الوفاق الهش بين الأدباء يشبه التوافق الامريكي السوفييتي "أيامها" ثم طرحت سؤالا هو: ما بالنا لم نعد نغضب حتى على الصعيد الأدبي الذي اصبح – يغضب "الف احنف بن قيس" هذا الاهتراء الادبي عندنا لماذا لا يغضب هل تخثر فينا الدم العربي الى هذا الحد..؟؟ دعني أيها الاستاذ ان اقول لك الآن وأنت صاحب هذه "الصيحة المضرية" اين انت الآن هل تخثر فيك الدم العربي… هذا لا اعتقده لانك مصاب بداء الكتابة.. وهذا الداء فتاك لا يمكن لصاحبه المصاب به أن يشفى منه أبداً ومن هنا يتضخم السؤال وهو: هل من الممكن أن يجد الأديب ما يجعله يدير ظهره لكل ذلك التراث.. وان تستطيع أوراق "البنكنوت" مهما تراكمت ان تغريه بالبعد عن "عشقه" الذي يسري في مسام جلده.. وأنا أعرف ان بينك وبين اوراق البنكنوت عداء فهي "وسخ دنيا" أليس كذلك. أيها العزيز.. ان التواجد في وجدان القارئ عملية ليست بالسهولة التي قد يتصورها أي إنسان وأنت تفهم هذا جيداً.. والذي أحسبه أن عالم "التجارة" الذي حاولت الدخول اليه وقيل أنه سرقك من عالم الحرف.. وأنا أعرف أيضاً انه لا يستطيع أن يخطفك على هذه الصورة القاسية.. ولا أعتقد أنك شفيت من داء الكتابة.. فعليك وان تعالج نفسك بالداء نفسه هكذا أتصورك حاملاً قلمك على كتفك حتى لو من تحت الغطاء المتدثر به مع تحياتي لك ايها الاديب القابع في بيتك علي محمد العمير.