في اجتماعه الخميس الماضي وافق مجلس إدارة مؤسسة اليمامة الصحفية برئاسة معالي الدكتور رضا عبيد على قبول استقالة الزميل الأستاذ تركي بن عبدالله السديري من رئاسة تحرير صحيفة الرياض اعتباراً من تاريخ 1/ 8/ 2015م، وتعيينه مشرفاً عاماً للمؤسسة، وترشيح الزميل الأستاذ راشد فهد الراشد رئيساً للتحرير، وتجديد الثقة في الزميل الدكتور أحمد الجميعة نائباً لرئيس التحرير، كما تم تعيين الزميل الأستاذ سليمان العصيمي نائباً لرئيس التحرير. وتأتي استقالة الزميل الأستاذ تركي السديري من رئاسة التحرير الذي وصفه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله ب(ملك الصحافة) بعد رحلة عمل مميزة استمرت واحداً وأربعين عاماً وستة أشهر، حيث استطاع أن ينقل "الرياض" من مقر متواضع ومستأجر في حي المرقب وسط العاصمة الرياض، وثماني صفحات، وطباعة بدائية بالرصاص، ولون واحد، وسعر أربعة قروش، ومحررين لا يتجاوزون عشرة أشخاص في غرفتين فقط، إلى آفاق أوسع من العمل المهني غير المسبوق فكراً وممارسة، وتأهيل العاملين من محررين وفنيين وإداريين، والاهتمام بالمحتوى، ومهمة التنوير في المجتمع، إلى جانب التجهيزات التقنية بأعلى المواصفات الفنية. وقد تفردت "الرياض" في عهده بسياسة تحرير خاصة.. التزمت في إطارها العام بالسياسة الإعلامية للمملكة، والتنظيمات الأخرى التي تحتكم إليها وتوجه مسارها، حيث تخلت "الرياض" في منطلقاتها الفكرية وممارساتها المهنية عن أساليب الإثارة والجدل، والتعجل في بناء المواقف والتوجهات أثناء التعاطي مع القضايا والأحداث المثارة، والتزمت في مقابل ذلك بقيم المصداقية في توثيق المعلومات من مصادرها، والموضوعية في عرض الحقائق دون تحيز، والدقة في ذكر الحقيقة كاملة دونما حذف يخل بسياقها، مع إتاحة حق الأفراد والمنظمات في الرد والتصحيح. وكان الزميل تركي السديري حريصاً أيضاً على أن تلتزم "الرياض" بمسؤولياتها المجتمعية في التضحية بالسبق الصحفي مقابل الحفاظ على قيم المجتمع وثقافته، والابتعاد عن الموضوعات التي تثير حساسية بين أفراده، أو تلك التي لا تشكل ظواهر اجتماعية، ومسؤولياتها أيضاً القانونية في عدم إثارة النقد غير المبرر للأفراد والمؤسسات، ومسؤولياتها الأخلاقية كذلك في عدم انتهاك خصوصية الآخرين. ونجح الزميل تركي السديري طوال عقوده الأربعة التي قضاها في رئاسة التحرير على منح الثقة لمحرريه في جميع الأقسام، حيث يعتبر كل محرر بمثابة رئيس تحرير قادر على تحديد ما ينشر وما لا ينشر من مواد صحفية، وتحمل مسؤولياته المهنية والقانونية أمام القارئ والمجتمع، وهو ما أظهر أسرة تحرير "الرياض" كياناً فريداً في تعاونه، وانسجامه، تجاه ما يتطلبه العمل اليومي من الحصول على المعلومات، وتوثيقها، وتحريرها، وإرسالها، وفرزها، وإجازتها للنشر، وأسلوب نشرها، إلى جانب المتابعة والتنسيق، والتوجيه، والرقابة، وجودة وتطوير المنتج، والالتزام بالمواعيد. وهو ما ترك أقسام الصحيفة تأخذ من توجيهاته اليومية طريقاً للتميز والنجاح؛ ففي قسم المحليات تبرز المتابعة الإخبارية والتغطية الصحفية في سباق يومي مع الأحداث والمناسبات، وقسم التحقيقات في مهمة صناعة الأفكار والتنوير والتحديث أثناء التعامل مع القضايا المجتمعية، و"ندوة الثلاثاء" في تصويب الممارسات والسلوكيات وتحليلها بعمق وشمول، وقسم الاقتصاد في مواكبة حركة التطور والنمو في المال والأعمال والعقار وحماية المستهلك، والقسم السياسي في انتقاء وإبراز المستجدات والأحداث الدولية من عدة مصادر، والقسم الثقافي في مهمة الانفتاح والحوار والتغيير للأفضل، والقسم الرياضي في مواجهة التعصب وحققت "الرياض" مع تركي السديري على مدى عقود إنجازات كبيرة، أبرزها: جائزة التميز الإعلامي في منطقة الخليج 2005، وتصنيف موقع "الرياض" الإلكتروني المرتبة الأولى عربياً، والثامن آسيوياً؛ وفقاً لتصنيف (MUS) العالمي 2009، وجائزة أفضل صحيفة عربية عام 2010 وفازت بها في ملتقى الإعلاميين الشباب العرب في عمّان، وعشرات الجوائز ذات العلاقة بالتحقيقات والتغطيات الصحفية، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتقنية المعلومات، والسعودة، إلى جانب أن "الرياض" صاحبة التأسيس الأول للأقسام النسائية في الصحافة السعودية، وتقديم المرأة كصحفية وكاتبة ومديرة تحرير وضع أسمها في ترويسة الصحيفة. لقد كان تركي السديري حاضراً بشكل يومي مع صحيفته في كل التفاصيل، وشاهد ومشارك مع زملائه بالتوجيه والمتابعة، ولم يتخلَ يوماً عن مسؤولياته، أو يبتعد عنها حتى لو كان في مهمة عمل خارجية أو في ساعات متأخرة من الليل، حيث أخذت منه "الرياض" كثيراً من صحته، وارتضى أن تكون أسرة تحرير "الرياض" هي أسرته التي يقضي معها كل وقته، ويمنحها جهده وتفكيره، وهو ما ترك زملاءه يكتشفون عن قرب مواقفه الإنسانية مع كل واحد فيهم، فكان فعلاً روحهم وعطاءهم وتضحياتهم.. كان فعلاً موجههم وقائدهم وملهمهم لتحقيق الأفضل.. كان فعلاً معلمهم كيف تكون أخلاق المنافسة وفروسية التعامل مع الآخرين.. وسيبقى تركي السديري مع زملائه في مهمة عمل أخرى شاملة؛ حين يكون مشرفاً على أعمال المؤسسة، ومتابعاً لنشاطات التحرير اليومية، وكذا لتطورات العمل، واقتصاديات المؤسسة، وهي مهمة ليست سهلة أمام تحديات كبيرة تشهدها المؤسسات الصحفية حالياً.
احترافية المهنة استطاع الزملاء في جريدة أو مؤسسة الرياض ضرب مثل رائع في المهنة وأخلاقياتها بذلك السلوك – الراقي – الذي برز من خلال وداعهم للزميل الاستاذ تركي عبدالله السديري رئيس التحرير الذي توقف مشواره المباشر في عمله في إدارة دفة التحرير والاحتفاظ به كمشرف على العمل بجميع جوانبه.. وفي هذا ترسيخ لسلوكيات المهنة التي لا تغفل ما قدمه ابناؤها لها طوال تاريخ كفاحهم. لقد أثبتت – الرياض – المؤسسة بأنها ذات مفهوم – مهني – كريم وكبير. المحرر