تمر القريحة الكتابية بعثرات وتقلبات مزاجية متنوعة للكاتب يطاولها حزنه إذا حزن وفرحه إذا فرح. حتى أنها تصوم تارة عن الكلام فيشحذها بهمم الحرف ولا تجيب. نمر نحن معشر الكُتاب بفصول السنة المتقلبة بمزاجية مفرطة , حتى إننا نكاد نفتح الأبواب على أماكن خاوية لا تسكنها أي مفردة. بالنسبة لي أن أول ما أقيس به قدرتي على الكتابة من خلال اختياري للموضوع وحيثيته , حيث أني أبدأ بكتابة العنوان أولا ومن بعدها تنهمر طلائع الكلمة ويتسلسل ما تبقى من الموضوع. وأحيانا أجد نفسي منقادة إلى عباراتي وتعبيرها دون أن أشعر بذلك. هناك خط مستقيم يربط بين البداية والنهاية , أرسمه منذ كتابتي للعنوان. وعلى العكس منه عندما أبدأ في كتابة القصيدة , أجد أن موسيقاها تتسابق نحو الحرف لتلتف به دون أدنى فكرة عما أنوي كتابته. في الشعر أعمل ضمن توازن وتجانس متصل , أما في الكتابة فيكفيني فقط أن أبدأ بالفكرة. وفي كلا الزمنيين لابد من فكرة ومعنى , لابد من حرف وموسيقى , لابد من إصرار وترابط , لا تعلم كيف اتحدت, ولا كيف بدأت ولكن في النهاية تصل إلى المتلقي بكامل حليتها. للشعر والحرف طرق وعره قد اسلكها اليوم , ولا أمرها غداَ هو طريق للوصول لعقولكم مهما اختلفت المسالك والطرق.