في رحلة بحثهما عن الصديقتين وسط الزحام، تشابهت أمام عينيها الوجوه،لتشكل وجها واحدا…وجه الأستاذ صبري. هي لا تعرفه،ولم يسبق لها أن رأته إلا من خلال صورته التي لم تتغير مع مر السنوات في الجريدة . بدأت تصعد السلالم تجرها مني من يدها.دقات قلبها غطت علي الضوضاء، وقهقهات الطلاب ، وهي ترسم في رأسها الصغير ألف صورة وصورة.وتنسج ألف حكاية وحكاية.فجأة توقفت مني ،ثم صرخت :ها هما ! وراحت تلوح بيديها الإثنتين لعزة ،و إيمان . اخترقت الكتل البشرية مسرعة ،تجر خلفها سلمي التي مازالت خارج نطاق الزمان، والمكان، والتوتر سيد الموقف .كان اللقاء حميميا، تبادلت فيه الصديقات القبلات ، والاحضان . رغم حرارة اللقاء،بدت شاردة،وابتسامتها باهتة . ما أن جلست حتي أطلقت تنهيدة ،محاولة من خلالها التحكم في أنفاسها المتلاحقة ، المتسارعة . تجاذبن أطراف الحديث ، وثرثرن كعادة الفتيات في مثل هذه المناسبات،بينما كانت تومئ برأسها ، ولا تنبس ببنت شفة ،وعيناها لا تزيغان عن باب القاعة المنتظر أن يدخل منه المحاضر . فجأة ساد الصمت القاعة ،وقد دخل الأستاذ ليعتلي المنصة. من مكانها البعيد،كانت تحرك رأسها في كل الإتجاهات،مرسلة عينيها بين الرؤوس حتي تراه جيدا . من هذا ؟ إنه لايشبهه في شيء !! ما هذا إلا شاب صغير ! تكلم الشاب مرحبا بالحضور ،وعرف نفسه علي أنه رئيس اتحاد الطلاب ، متمنيا لهم التوفيق، والنجاح .انتابها قلق شديد،وكادت أن تصرخ فيه لينهي كلمته سريعا،ويرحل. فجأة تجمد فيها كل شئ،وأحست بملوحة في فمها وهي تسمعه يقول: والآن أرحب بالدكتور صبري فؤاد ،ليبدأ معكم المحاضرة الأولي . ( أول عنيا ما جت في عنيك.. عرفت طريق الشوق بينا وقلبي لما سألته عليك.. قالي دي نار حبك جنة صدقت قلبي في اللي قالولي لكن غرامك حيرني…. وليل بعادك سهرني ) يورد على خاطري…. كل اللي بينا اتقال ويعيش معاك فكري…. مهما غيابك طال ) دون شعور منها ،انتفضت واقفة ،وهي تهلل، وتصفق بحرارة، ليشاركها الجميع التصفيق وهي تري أمامها الأستاذ الكبير يدخل إلي المدرج بإبتسامة هادئة، جميلة، وخطوات واثقة ،رافعا يده اليمني ليرد تحية طلابه المستبشرين خيرا بقدومه . لم تفق من نشوة رؤيته ،وتفحصه إلا علي وقع أصابع إيمان وهي تضغط علي يدها قائلة :ياله من رجل وسيم . لتشعر بغيرة ،ونار اجتاحتها لدرجة أوشكت معها أن تصفعها علي وجهها. كيف تجرأت أن تقولها هذه الحمقاء؟ ولمن تقولها،لي أنا؟ !! أنا التي أحبه ،بل أعشقه بجنون . أعشقه بجنون ؟! كانت كالمصعوقة،إذ راحت تحدث نفسها ،كمن يعيش خارج العالم الذي وجد نفسه فيه. هو فارس أحلامي الذي حلمت به طيلة السنوات السابقة.فكم حلمت بهذه اللحظة ،وها هو أمامي أراه بأم عيني،وأتنفس من نفس الهواء الذي يتنفسه ، و… و…سألمسه. نعم سأفعل .يجب أن أصافحه. هذا حقي،وحقي وحدي . فلا أحد يعرفه مثلي .لا أنت أيتها المعتوهة، ولا أية واحدة أخري من مثيلاتك التافهات . لم تكن تسمع مايقوله، كانت فقط تراقب نظرات الفتيات له .وعندما يتوجه بنظراته العامة إلي جهة ما ، تحسد كل من يجلس فيها ! ياتري متي سيراني، ويعرف أنني هنا؟ يااااه كم أحبك. ( واحشني وانت قصاد عيني…. وشاغلني وانت بعيد عني والليالي تمر بيا…. بين أماني وبين ظنون وانت يا غالي عليا…. كله في حبك يهون وعمري ما اشكي من حبك…. مهما غرامك لوعني لكن أغير م اللي يحبك…. ويصون هواك أكتر مني )