الجوع والبرد القارس والحر اللافح وانعدام الطمأنينة قد يواجهها طفل مشرد لا حول له ولا قوة تمضي به الحياة في انفاقها المظلمة ولا يدري أو قد لا يفكر بعيداً في قادم الأيام أنما ينصب تفكيره في كيفية الحصول على ملجأ في كل ليلة يحتضنه في جوف الليل البهيم. ويعرف الطفل المشرد بأنه كل ذكر أو أنثى دون سن الثامنة عشرة من العمر ويكون بلا مأوى أو غير قادر على تحديد مكان سكنه أو الإرشاد إلى من يتولى أمره أو لا يستطيع إعطاء معلومات كافية عن نفسه، ويكون الطفل مشرداً إذا كان يبيت في الطرقات ومارقاً عن سلطة أبويه أو من يقوم برعايته أو متسولاً أو يمارس أعمالاً تتصل بالفسق وفساد الأخلاق. وقد شغلت ظاهرة التشرد السودانيين ردحاً من الزمن فرغم أنهم يتميزون بعائلات ممتدة متماسكة وعلاقات اجتماعية قوية إلا أن العديد من العوامل ساهمت بقوة في بروز هذه الظاهرة المؤلمة أو ما يطلق عليهم المجتمع لفظ (الشماسة) ومن هذه العوامل موجات الجفاف التي ضربت بعض المناطق مابين عامي 1984 و 1985م وما صاحب ذلك من هجرة مكثفة صوب العاصمة الخرطوم وبعض المدن يضاف إلى ذلك تفشي الفقر والعطالة والنزاعات القبلية والنهب المسلح والحركات المتمردة المسلحة التي ما زالت تنشط في بعض الأطراف وأيضاً الهجرات من دول الجوار وما أفرزه انفصال الجنوب من بقاء أعداد كبيرة من المشردين. وفي العام 2001م أجرت مجموعة من المنظمات العالمية والأجهزة المحلية دراسة عن التشرد بعنوان (أطفال السوق العاملين دوماً والمشردين منهم) وتم تحديد عدد المشردين بشوارع الخرطوم بحوالي (35000) مشرد, وفي السودان الآن نحو 60 ألف طفل مشرد كما تقول الإحصاءات الحكومية، بينما تشير تقارير شبه حكومية أن عدد الأطفال المشردين فيه يفوق 80 ألف طفل مشرد. ما الحل إذن في ظل نفور وهروب بعض هؤلاء الأطفال من الدور الإيوائية وتفضيلهم الشارع عليها رغم مخاطره؟ في الواقع عرضت العديد من ورش العمل والملتقيات حلولاً أوصت بإعداد قانون شامل يعالج قضايا التشرد وتفعيل قانون الطفل لسنة 2010م ودعم الأسر الفقيرة ودور الرعاية والإيواء ومنع التسرب الدراسي ومعالجة تصاعد معدلات الطلاق ولكن تظل المأساة قائمة ما لم تنتف الأسباب أويشمر المجتمع المدني عن سواعده الخيرة للتخفيف منها.