عنوان المقال له علاقة وطيدة بمعادلة الادارة والمجتمع، لان المعاملة الطيبة لا تنفصل عن الادارة بتعدد مستوياتها، لان حياة المؤسسات الادارية انعكاس لحياة البشر، كل ما يمكن ان يؤثر على حياة المواطنين من عوامل التغير المذهل في عالم جديد متناقض هي بطبيعتها نفس العوامل التي تؤثر على الاجهزة الادارية اليوم وتجعلها امتدادا طبيعياً لاحوال مجتمعاتها، فرياح التغير تهب على المواطنين والاجهزة الادارية في آن واحد.. وتبادل التأثير مستمر دائماً بين الاداء الاداري والمجتمع، كل منهما يؤثر في الآخر ويتأثر به. لذلك اهتم الفكر الاداري بمفهوم جديد هو الادارة المرحة وركز هذا المفهوم على تأثير جو المرح وحُسن المعاملة، بعيداً عن اصدار التعاميم المستمرة، على اداء الموقف وابداعه، وقدرة مدير الادارة على تطوير اداء ادارته، وهذا الجانب غير المطروح في الجهاز الحكومي وهو التعامل الكامل بين رئيس الجهاز الاداري، مديري الفروع، مع الموظفين الذين لم يأخذوا نصيبهم من الاهتمام هو الذي اود ان اطرحه اليوم، اذ ارى ان دور العنوان يعتبر ترجمة حقيقية ومكملة لتأثير المجتمع على الادارة. لقد قادتني الدراسة والممارسة الى المعرفة ثم الى اليقين بأن الادارة المرحة المتسمة بحسن المعاملة، ولطف المقابلة، لها فعل السحر في نفوس الموظفين، هو في واقع الامر تحديث المدير ومن اهم عوامل تطور الجهاز الحكومي لذلك فان المطلوب تأهيل رؤساء الدوائر والاجهزة الحكومية ليتعلموا من جديد لغة حسن التعامل المرح بالابتسامة الهادئة بعد ان نسوها او تناسوها في أجواء البيروقراطية المركزية الملبدة بغيوم التعليم والجزاءات. لذلك ارى انه اذا امتلك مدير الجهاز الحكومي الشعور بالمعاملة المرحة الهادئة والانطلاق بعيداً عن الجو الاداري المشحون بالرصد والبيانات العقابية والتعاميم ويستطيع ان يحول مكاتب ادارته الى روضة جميلة والعمل الى متعة حقيقية. اذن ما دور مدير الجهاز الحكومي في ظل التحولات؟ ان هذه التحولات الجذرية تعني بالتبعية تغيرا موازياً في علاقة المدير بموظفي جهاز ادارته ويمكن صياغة هذا الدور كما يلي: 1- البعد الانساني للعلاقة الحسنة بين المدير وموظفيه، فعندما يعامل المدير موظفيه معاملة حسنة يقام بينهما جسر معنوي يصور المعاملة الحسنة من قبل المدير لموظفيه ليس هدفاً بحد ذاته، فهو المدخل الذي يفضي الى الهدف الأكثر عمقاً وهو الرضا من قبل المواطنين لاداء الجهاز الحكومي. 2- الخروج من الغالب القديم للمدير وذلك بنشر مبادئ المعاملة الحسنة الممزوجة بالمرح واشاعة البهجة. هذا هو المفهوم الذي يتعارض مع الجدية بالمركزية التقليدية لذلك فالمعاملة الحسنة الممزوجة بالمرح والابتسامة من اجل الخروج من قالب الجدية ؟؟ والبيروقراطية الذي يتسم بها أداء مديري الاجهزة الحكومية. 3- جني الثمار، وذلك بإعادة صياغة القوالب الادارية بقليل من المرح والدعة والعمل تحصل على فرق عمل متناغمة ومرتفعة الاداء، فرق عمل لا تحتاج الى ما يسمى بادارة الصفوف واصدار التعاميم. خلاصة القول فان بيئة الادارة هي من الواقع مثل النزعة المسيطرة والميل للتمكسن بحرفية الادارة البيروقراطية وتقدير اهمية الوقت فلو طبقنا عنوان المقال (قابلني ولا تغديني) من اجل تطوير أداء الجهاز الحكومي وتحديثه لقلنا "عاملني ولا ترقيني" اني على يقين بأن اجتهاداتي ليست فصل الخطاب وانما هي بداية لحوار مطلوب عن تحديث الجهاز الحكومي.