نعلم جميعاً بأن آلة صنع القهوة تقوم بعصر البن وإفراز عصارة (تكيّف) الرأس،وتزود الجسم بمادة الكافيين المنشطة،واذا ماأسقطنا هذه المهمة على الشعراء، بحيث تكون المفردات هي البُن وكوب القهوة هو القصيدة، لوجدنا كثيرا من مكائن القهوة في ساحتنا الشعرية أصبحت لاتنتج مايكيّف الرأس ، وعوضاً عن ذلك ترفع الضغط وتصيب المتلقي بغثيان المشاعر. نؤمن بمبدأ اختلاف الأذواق وبوار السلع ولكن لكل فن صانعيه ومستهلكيه،فهناك شاعر يصنع القصيدة لتصنعه هي،والبعض يكسر الكلمات ليجبر بها المزاج المعكّر وتتفاعل معه المشاعر،وكأنه يترجم بعض الأفكار المترسبة في عقلك الباطن بقصيدة،وهناك للاسف من تكسره قصائده وتودّ انك اصمّاً قبل هذا، والبعض كتب الحداثة فألجم معارضيها وكيّفهم وجعلهم يحاولون استعارة بعض أساليبها ومسالكها لصالح تقليديتهم،وبعض الشعراء كأنك تسمعه في مطلع كتاباته يستنطق هجوسه بمقولة :(واحد قصيدة وصلّحووووه) ولكن يأتي المذاق مخالف للوصايا، ويبعث فيك تهدلاً واضح في الملامح. الشعر ديوان العرب وقاموس ثقافتنا وليس مهنةً يطلقها الشخص عن نفسه حين يقول (معك الشاعر فلان)في حين ان (ماكينته)معطوبة،وليست شكلاً هندسيا ً يُبنى على أساس الوزن والقافية فقط. من الطرائف ذهاب احد المستشعرين لشاعر كبير(اعرفه)بقصيدة (مكسّرة) ليسمكر له (بوديّها) بالمعجون المتوفر، فأصبحت قصيدة،ولكن لو ضربت بيدك عليها لوجدت انها (مسمكرة) وعندما عاد اليه بقصيدة اخرى اعتذر منه وقال:(له هذي ماعندي لهامعجون يكفي هذي عالتشليح طوالي) ، فنرجو من إخواننا الشعراء تقييم (ماكيناتهم) والتأكد من إنتاجها الأدبي قبل ان يخرج للناس بمقولة (معك الشاعر فلان).