(الفاضي يعمل قاضي) خرج لنا في الوقت الراهن (قضاة فضوة) تقمصو ادوار الشعراء وتسببوا بطفره شعرية رهيبة مما جعل كثيرا من الشعراء المبدعين يعزف عن النشر حتى لا تُعرض بضاعته بجانب بضاعةٍ (مُزجاة) وحتى لا يشعر بنقص في شاعريته وقدره ان يُساوى به من ليس اهلٌ لذلك ، فالساحة الشعرية ضجّت فجأة بالغثّ من القصائد التي لا تحمل اية صفة شعرية وما هي الا مجرّد (سوالف )موزونة ومقفّاة حيكت بأنامل ناعمة لاتحمل خشونة الصنعة وتجاعيد التجارب ، وكأنها فارغة من قسوة العظم الشعري، فأصبح الواقع المرير يحتّم على كثير من الشعراء الغياب وتبادل قصائدهم في منتديات وديوانيات خاصة هي أشرف لقصائدهم من بعض زوايا الصفحات المحابية ، ليضمن أن هناك من يثمّن بضاعته ويعرف مفاتحها. للاسف ان هناك قصائد حين تقرأها تسرع وتهرول في الانحدار البصري وتمّني النفس بان البيت التالي سيكون بيت القصيد ولكن تصل لبياض الصفحة وللقب الشاعر بدون ان تقرأ شعر ولاتجد في ذهنك مايطلق عليه بيت القصيد بل تستطيع الجزم بتسميتها ( قصيد البيت) فهي قصيدة يتحتم عليها البقاء في البيت وعدم التجوّل بها امام الملأ ، يجب وضع الشعراء في (منخل) يعلّق بقمتي جبل ليسقط ف القاع كل من ينتمي له ولايبقى في القمم الا أصحابها ، فطبقا للتصنيف القديم لطبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي اسقط كثيرا من الشعراء لا لسبب عدم الجودة الشعرية بل لعدم الوفرة الشعرية رغم جودة شعرهم فعلى سبيل المثال لم يصنف ابن سلام الشاعر صاحب المعلقة عمرو بن كلثوم من ضمن فحول الشعراء لعدم وفرة قصائده ، فلو بُعث المصنف رحمه الله في زمننا هذا سأبصم بالعشرة انه سوف (ينجلط )من حال شعراء هذا الزمان الذين سيقدمهم الاعلام حتماً له على انهم الشعراء ، لان الاعلام سيكون هو المسئول عن انتقاء وانتخاب من يستحق. ولعلّنا نختم باحتكام امرؤ القيس وعلقمة الفحل الى ام جندب حين قال إمرؤ القيس : فللساق ألهوبٌ وللسوط درّة وللزجرِ منه وقعٌ أهوجَ منِعْبِ وقال علقمة: إذا ماركبنا لم نُخاتِلْ بجنّةٍ ولكن ننادي من بعيدٍ الا اركبِ ففضلت ام جندب علقمة على زوجها إمرئ القيس لان فرس إمرئ القيس كليل عاجز لايجري الا بالضرب على خلاف فرس علقمة الذي لا يحتاج للإهاجة وهو أشبه بحال(الهجوس) الشعري والتي تنساب عند البعض دون ضرب كالدرر (أصايل) اما البعض فتشعر انه يضرب هجوسه اللامعسوفة لينتج قصيدة (كديش).