تتمدد فوق رمال الساحل المهجور .. وسكون العتمة الغاضب يملأ المكان .. يتحول إلى خنجر يماني ينغرس في خاصرة الأمواج .. ويلتف حولي كوحش أسطوري .. فيما تنتصب صخور الشاطئ. أشباح مفزعة .. ترقص في جوف الليل .. 2 على ضفاف تلك الليلة الداكنة أوقفت مركبي السندبادي العتيق .. وبقيت أقتات وحدتي , مثل طائر تاه عن سربه المهاجر , وأمسى غريباً تتخطفه الأوجاع .. ويلفه التيه . 3 عبثاً أفتش عن قنديلي الذي أضعته .. أراه في كل مرة عند حافة الأفق .. ألمحه يضئ .. ثم .... يضمحل .... مثل سراب خادع , يوهمني بأشياء كثيرة .. لكنه يتوارى مستهزئاً .. 4 أمواج تلك الليلة هامدة .. غارقة في إغفاءة عميقة , كأنما تستريح من ركضها المدهش .. هناك لمحت نخلة هرمة تتكئ على آخر جذر لها .. على جيدها الغجري الفارع ندوب الزمن .. وأخاديد السنين .. وشيء من نضارة الأمس لا زال يطفو فوق ثغرها الأقحواني . 5 رأيتها تتحدى الوجع أمام المدينة البلهاء .. ترفض اليأس .. تقاتل من أجل أن تموت واقفة .. 6 اقتربت منها وسط بحر الظلام , وددت ... لو صافحتها .. لو نثرت الفُلّ فوق أطراف شعرها المسافر .. ورغبة هتفت في أعماقي أن أصرخ باسمها .. قد أبدد وحشة الظلام .. واهزم جانباً من أشباحه المفزعة .. 7 تشدني نظراتها الهاربة عن الأرض .. تبدو محلقة مع القمر مثل قصيدة فارهة .. وهذا رجلٌ بدائي , في داخله حقدٌ مجنون , طفق يمسك بعنقها .. يريدُ اجتثاثها من قعرها .. لم يشفع لها أنها صبيةٌ حسناء . 8 كان يريد أن يصنع منها مأساة جديدة .. لكنها دحرته .. ثم قذفت به إلى أسماك القرش الجائعة .. وأقفلت الستارة على .. مسرحيةٍ مرعبة .. 9 كم هي رائعةٌ تلك الغجريةُ المنتصبة على الساحل .. إنها أجمل امرأة على الشاطئ .. كل النساء من حولها دميمات .. ومرتجفات .. وباردات .. أما هي فقد ظهرت فاتنةً .. واثقةً .. ودافئة . رائحةُ العطرِ الطافر من عنقها الفضي يمزقُ وحدة الليل .. ويروي ظمأي .. انه ينسابُ هادئاً فوق رمال الساحل الصامت .. ويحيله إلى ربيع .. يرقصُ فوق ملامحي !. 10 في عينيها الصامتين قرأتُ حكايتي .. وحكايةُ .. ليل الشاطئ المُريع !.