الحياة حركة دؤوبة لا تعرف الملل وفي خضم الأحداث والليالي والأيام رتابة الأعمال الرفوف والكتب المرتبة. أتأمل أوراقا قد محت الذاكرة سطورها وأكلت العثة أطرافها وبقيت أتحسس حرارة أحرفها غبارها المتطاير على ساعة الحائط المتصدع وستارة مهترئة تنتظر موعدها مع القدر ونافذة هاجرت دفتيها وسرير فقد أحد أرجله ونسيم هادئ يحاول جاهدا نبش أسرار صامتة في ظلام الذكريات وسحلية صغيرة تغني للمكان تكاد تذكرني بباريس ظلاما تردد كم أنا متفائلة حتى في الظلام في هجر السكوت وحشة الأعمى بعيد الدار يقف يتحسس الناس والأمل في ساعة انتظار الشمس يبحر الفكر في عالم المجهول في دنيا أخرى بعيدا هناك حيث الباخرة والمحيط وجزر مترامية وطيور ترقص في السماء وبحر يرسم الأمواج قصص البحارة حكايات الحكواتي ودكانه العتيق تجاعيد الخريف وعجاج الرمال على وجوه أجدادي أملا في البقاء سراب الآمال فصفعة واقع من لهب الحلم المبتور اللص والكلاب ونظارة نجيب محفوظ قطار العمر يتوقف في طفولة من حلم صرخات معلم التربية الرياضية وأعواد البطاطس تاهت في أضراس بائع المقصف «أبوبشار» الطالب الفلسطيني كثير الشغب ووالده المعلم بالمدرسة نفسها أراه هناك يشعل سيجارته الثانية ويبحر في عالم المجهول ينهي هذا الضخم مسلسل التوقد والغضب بالإطاحة بابنه رفسا وركلا لأنه شاجر طالب آخر مازال كتاب التاريخ تقلبه الرياح في فناء مدرستي وكأنها الحياة تقلب الزمان والتاريخ. يتناهى إلى أسماعي نداءات وحضارات وتراث عظيم. في خيط الخيال يصرخ طفل ما فتفيق من سباتك فتصدم بفنجان شاي يحرق أطرافك فتبدأ من جديد رحلة البحث عن المجهول..!! فايع علي آل مشيرة عسيري