يكاد يجمع خبراء التنمية البشرية في التقارير الدولية ان التنمية الثقافية هي عصب وعماد التنمية الشاملة والمستدامة بكل فروعها (التعليم ، الاقتصاد ، الامن، والاعلام) فالبشر هم اداة التنمية وغايتها وبقدر ما لديهم من معارف ومهارات وقدرات وقيم ايجابية تغرسها التنمية الثقافية يكون العطاء والاتجار في مسيرة جودة التعليم. لا أظن ان هناك من سبيل لمجاراة هذا الكم الهائل من تطوير التعليم التي تتحدث عنها الدول سوى من العودة الى دور التنمية الثقافية كطريق لجودة التعليم وهدفها تنمية التلاميذ بالتركيز على تكوين وبناء قدراتهم وهي رؤية شاملة تبدأ وتنتهي بمخرجات المنظومة التعليمية من طلابها المتميزين. لذلك فالتنمية الثقافية قاطرة التنمية التعليمية فهي اللحمة التي تربط المجتمعات وتقوي نسيجها، والحقيقة ان الثقافة تعتني ببناء الانسان وتنمية ملكاته وتوسيع مداركه وتعميق وعيهم بأهمية وجودته ومكانته ودوره المتميز في تغيير الواقع مما يسهم للطالب بعد تخرجه في تحقيق اهداف التنمية الشاملة والمستدامة. وفي تناغم تام مع هذا المفهوم بان الطلاب هم اغنى موارد المملكة، جاءت استراتيجيات وزارة التربية والتعليم بتطوير التعليم لنشعر ان التنمية ليست مسألة تقدم مادي فحسب ولكن التنمية الثقافية كرافد اساسي لجودة التعليم فيما ينشره في عقل الطالب. ان وضوح الرؤية ومرونة الفكر هما اهم ما تحتاجه المنظمة التعليمية لتأكيد ان التنمية الثقافية جوهر قاطرة جودة التعليم التي ترمي الى منتج تعليمي فاعل في خدمة الوطن. لقد نفسر مفهوم التعليم باعتباره اساساً للتطوير الجزري والشامل في هذه الحقبة الزمنية، واثبتت التجربة ان الانسان قديماً وحديثاً وان نجاح المنظمة التعليمية لازال يعتمد على مدى التكامل والتنسيق بين التنمية الثقافية والتعليم لانتاج خريجين متميزين ومبدعين من خلال تعليم مستمر يسمح بحق الاختبار في سوق العمل، ولا يرتبط بالمدرسة وفترة الدراسة فحسب. اريد ان اقول ان التنمية الثقافية هي المحرك الاساس لمنظمة التنمية الشاملة والمستدامة بفروعها المختلفة (التعليم والاقتصاد والرياضة والسياحة الخارجية والاعلام) وهي الوسيلة الفاعلة لتسلح التلميذ بالخبرات والقدرات لايجاد فرص العمل بعد التخرج لتبقى المعرفة التي تبثها الثقافة عاملا هاما لجذب الاستثمارات الى المملكة والتي بدورها تحتاج الى عقل وفكر للشباب السعودي في منظومة التعليم بفتح ابوابه للثقافة لتنمية العقول بعيداً عن الحفظ والتقين والدروس الخصوصية، وبذلك جاءت استراتيجية وزارة التربية والتعليم في لفت الانتباه الى الاهتمام بالثقافة بوصفها احدى الاسس التي ترتكز عليها سياسة جودة التعليم التي تعد الطالب بالعلم والقراءة المستمرة التي تمدها بالمعرفة والتكنولوجيا ومل مقومات ومتطلبات العصر الحديث. انني باختصار أريد ان نوقظ في اعماقنا جذوة لا تخبو وشعلة لا تنطفئ لايماننا بربط الثقافة بوسائل التعليم في المدراس والجامعات لتوفير الايدي العاملة الشابة المثقفة اللازمة والمساهمة في التنمية الشاملة التي هي عمل علمي وتعليمي وتربوي وثقافي ترمي من خلاله ربط التنمية الثقافية ببرامج التعليم تعد لبنة اساسية من لبنات نجاح تنمية الموارد البشرية وتأكيداً بان الانسان محور التنمية الثقافية.