الساقية تلك الماكينة الخشبية إذا جاز لنا تسميتها بذلك – لأن صنعها من إبداع انسان ذلك الزمن البعيد الذي لم يكن فيه وسيلة للعلم والتعلم ولا تتوافر فيه ولو القليل من تقنية الزمن الحالي ولكن رغم ذلك نقول - الحاجة أم الاختراع – والمذهل في الأمر فكرة هذه الساقية وتنفيذها بشكلها الإبداعي المتفرد حيث جمع بين علم الهندسة والفيزياء وصنع أجزائها من مواد خشبية قاسية وبآلات بدائية ورغم ذلك روعيت فيها الحسابات الدقيقة ويطلق على من يقوم بتنفيذها مسمى (البصير). وربما لا أكون من يحق له وصف الساقية ولكني أحاول أن اصفها اجمالاً وذكر الأجزاء الرئيسية منها حيث تتكون من الحلقة الكبيرة التي تحتوي على تروس خشبية وعددها تقريبا ما بين 36 - 40 ، ومهمتها نقل الحركة إلى الحلقة الصغيرة وبذلك تزداد سرعة الحلقة الصغيرة في الدوران وتتكون الحلقة الكبيرة من عدد من التروس وتوجد بين هذه التروس خانة فارغة على محيط الحلقة قيل انها تستخدم لوزن تروس الحلقة الكبيرة مع تروس الحلقة الصغيرة عند بداية تشغيل الساقية وترتكز الحلقة الكبيرة على عمود محور رأسي يسمى (المِشِّي) هذا العمود به فتحة على ارتفاع نصف متر تقريباً من محور ارتكاز الحلقة ، ويثبت في تلك الفتحة (التكم) وهو عبارة عن عود طويل بفرعين وتوضع نهاية العود في فتحة عمود الحلقة الكبيرة في الجزء الأعلى منه وتلك الفتحة نافذة على أعلاه ويظهر في شكل مثلث وينسج بحبال ليجلس عليه سائق الساقية ويوصل بحبل متين وقوي مع العمود الذي يوضع فوق رقاب البقر ومهمة التكم الأساسية هي تحريك الحلقة الكبيرة عندما يشد الحبل. (بنت أم حليقة) هي الحلقة الصغيرة التي تُنتقل اليها الحركة من الكبيرة ، ولا تختلف عنها إلا في الحجم، نصفها الأسفل في حفرة والأعلى تتصل بتروس الحلقة الكبيرة، يمر بداخلها عمود محور طويل يسمى (توريق) هو موضوع أفقياً في اتجاه البيارة (الكوديك ) ليدخل في حلقة أخرى كبيرة بدون تروس وهي عبارة عن دولاب تثبت عليه عدد من الأعمدة الخشبية في طول قدم واحد تقريباً وعلى مسافات متساوية حسب عدد القواديس ( العلب الفخارية التي تنقل الماء من البيارة) وتثبت القواديس بحبل متين يسمى (الألس) ويتحرك الدولاب مع حركة الحلقة الصغيرة والعمود الواصل بينهما ليفرغ الماء في حوض حديدي يسمى (السبلوقة) وهو الحوض الذي يستقبل الماء الوارد من القواديس ليوصل الماء بدوره إلى الجدول ومنه إلى الزرع. وللساقية عشق خاص في قلوب مزارعي ذلك الزمن الجميل وكم قيل فيها من القصائد والأغاني وصفاً للصوت الذي تصدره عند دورانها وكذلك صوت نزول الماء من القواديس إلى السبلوقة.