قبل ايام ودع الوطن رجلاً من رجاله الافذاذ، وعلماً من أعلامه الذين تفانوا باخلاص وقدموا الأنموذج في خدمة الوطن.. إنه معالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر، المواطن والإنسان والوزير، رحمه الله. عرفنا الفقيد الغالي قامة وطنية كبيرة في فكره وعمله عبر مشوار طويل من المناصب والمسؤوليات الرفيعة، اتسم خلالها دائما بالعزيمة والعطاء الوطني، وشجاعته في القرار والصبر على الاعباء، ونزاهة وعفة اليد وطهارة القلب. وللنزاهة مع الدكتور الخويطر، علاقة ارتباط وثيق، مثالا ونموذجاً ناصعاً في طهارة اليد وحرصه على المال العام. لقد اتسمت شخصيته بجميل السجايا والخصال، صاحب ضمير حي وعقل مفكر ونفس تقية وروح جميلة من الخلق الرفيع والتواضع الكريم والاريحية الإنسانية الناصعة في التيسير وقضاء الحوائج، وكم له من المواقف الانسانية التي بذلها. لذلك كان - رحمه الله - محل ثقة ولاة الأمر، وهو من القلائل الذين عاصروا خمسة من الملوك البررة على مدى ومشوار حافل، فكان حقا عميد الوزراء بل مجموعة وزراء في مسؤولياته. وكما عهدنا الدكتور الخويطر وزيرا ذي همة وإنجاز، فقد عرفناه ايضا اديبا غزير الفكر ثري الادب واسهم - رحمه الله - في الحركة الثقافية والادبية بنصيب وافر واسلوب متميز بل متفرد، مثلما كان عاشقا للتاريخ وقراءته العميقة له بتراثه واحداثه ودروسه. فمن منا لا يذكر كتابه (أي بني) الذي سجل صورا ادبية وواقعية معبرة، في اطلالات رائعة عن الماضي بعبقه وموروثه الاصيل وعاداته وتقاليده التي حفظت للمجتمع نسيجه وسماته، وعن الحاضر المتغير بادوات العصر، فكان هذا الاصدار القيم الذي طبع في خمسة اجزاء بمثابة شهادة على التاريخ والعصر، ورسالة للاجيال في مراحل مختلفة باهمية الحفاظ على سمات النسيج الحي للمجتمع السعودي، كذلك كتاب (بعد القول قول) الذي سجل فيه قبسات متعمقة من فكره ورؤيته في قضايا كثيرة. ومن الاصدارات التي قدمها - رحمه الله - للمكتبة السعودية والعربية (حاطب ليل) وكتاب (إطلالة على التراث) وإصداره الرائع (وسم على أديم الزمن) وهو من كتب السير الرائعة التي نطل من خلالها على كثير من شخصية وتجارب الدكتور الخويطر الذي قدم لنا ايضا كتاب (دمعة حرى) وقد ابدى فيه وفاء وبذل الدمع على اعزاء رحلوا, وها نحن نرثيه اليوم فقيدا عزيزا وقامة كبيرة، وهكذا الدنيا كما قال زهير ابن كعب: كل ابن انثى وان طالت سلامته.. يوما على آلة حدباء محمول الحديث يطول عن الفقيد العزيز والقامة الوطنية الكبيرة التي نعاها الديوان الملكي، ونال من التقدير والمكانة الكثير، وتبقى سيرته,رحمه الله, عطرة بعطر سماته وصفاته وما بذل في خدمة دينه ومليكه ووطنه، وليتنا نرى أعمالاً وإنتاجاً درامياً تلفزيونياً لبعض مؤلفاته وتكريما من الجامعات والأندية الأدبية لتطلع عليها الأجيال، رحمك الله أبا محمد رحمة واسعة وجعل ما قدمت وما بذلت في موازين حسناتك. للتواصل 6930973