رحم الله الدكتور غازي القصيبي الذي ودعناه قبل ايام انسانا ورجل دولة ومفكرا واديبا، بذل الكثير وباخلاص على مدى حياته في خدمة وطنه من خلال مواقع هامة كثيرة كان خلالها قامة وطنية كبيرة يشار لها بالبنان، وخدم امته فكرا ومواقف وادبا وشعرا وقبل ذلك كله غازي القصيبي الانسان التي لم تغب عنه انبل القيم الانسانية في حياته ومهامه، فلقد ارتبط بأنصع القيم وعمل من اجلها في عطاء ومسؤولية لم تنقطع، الانسانية المزينة بفكر جميل، وقناعات مضيئة ان كان في العمل العام كرجل دولة او على المستوى الشخصي، ومن هنا لم يكن غريبا ولا مفاجئا ان يرثيه الوطن بهذا الرثاء الذي ينم عن تقدير لشخصه وما بذله رحمه الله على كافة الاصعدة، كما رثاه السياسيون والمثقفون والادباء خارج الوطن. لقد تميز الفقد رحمه الله بشخصية هي من نسيج ذاته في فكره وقيمه ورؤاه، فلقد كان مبدعا في شخصيته واتسم بالحس المفعم بالانسانية مثلما كان مميزا وحاضرا في عالم السياسة والابداع والفكر والشعر والادب، وقد ترك في كل ذلك علامات ناصعة وبصمات راسخة احترمها الجميع، وما من انسان سبق وكتب عن أمر له صلة بالدكتور غازي القصيبي الا وبلغه الجواب والردود البليغة الاديبة التي تعكس شمائله، فلم يكن يتجاهل انسانا ولا يهمل خطابا من اي انسان ولذلك اتفق الجميع على محبة هذا الرجل مثلما كشف رثاء الذين قالوا عنه وكتبوا عبروا عن حزنهم وألمهم لرحيله سواء من عرفوه عن قرب او من عرفوه من مواقفه وعطائه الانساني والوظيفي واسهاماته كعلم من اعلام الوطن والامة في مجالات عدة. إنني لا انسى وقت ان كان معاليه رحمه الله وزيرا للصحة فقد عادني وانا على سرير المرض في مستشفى الملك خالد التخصصي وقت ان كنت مديرا مساعدا للضمان الاجتماعي ورئيس البحث بالضمان الاجتماعي بجدة وامارس عملي الصحفي، حينها فوجئت بزيارته لي وقد غمرني بعطفه واهتمامه وترك في نفسي اطيب الاثر مثلما غمر الكثيرين بأريحيته فبادلوه المحبة والدعاء بالخير واليوم يدعو له الجميع بالرحمة والمغفرة، كما لا انسى شفاعته الحميدة في التحاق ابني بالتعليم العالي قبل سنوات برسالة ارسلتها لمعاليه فاستجاب لها يرحمه الله بكرمه وشيمه، ولهذه المآثر والمناقب بصمة محفورة عندي مثل غيري الكثر كما قلت، فلقد تحلى حبيبنا الغالي الدكتور غازي القصيبي طيب الله ثراه، باخلاق الكبار على الصعيد الانساني وفي المسؤولية وفي الابداع وكما قال فيه معالي وزير الثقافة والاعلام العزيز الدكتور عبدالعزيز خوجة (هو اسم لا تخطئه العين ورقم ابداعي لا يمكن تجاوزه). ولا ينسى الوطن له ما انجزه في وزارة الصناعة والكهرباء وها هي (سابك) الصرح الصناعي العملاق شاهد على ذلك وفي وزارة الصحة كانت بصماته واضحة في قفزات كبيرة وبنية اساسية صحية واسعة وخدمات متطورة وزياراته المفاجئة التي تميز بها واخيرا في وزارة العمل كم كانت اهدافه طموحة وقدوته مضيئة للشباب عندما ارتدى ملابس العاملين في العديد من المطاعم وقدم بنفسه الوجبات ولم تفارقه الابتسامة وجاءت قدوته وكلماته بذلك لتأصيل ثقافة العمل المهني واخلاق العمل. ولقد كان الفقيد رحمه الله صبورا في حياته ومثابرا ومتفردا في مهامه الكبيرة في خدمة الوطن كما كان صابرا في مرضه ايمانا بقضاء الله حامدا شاكرا له سبحانه فرزقه الله موتة في الشهر الفضيل. رحمك الله ايها العزيز ابا سهيل، فسيرتك العطرة تملأ قلوب محبيك الذين دعوا لك في حياتك بالتوفيق واليوم بعد ان رحلت عنا جسدا ندعو لك بالرحمة والمغفرة وجنات رب رحيم كريم فلقد كنت كتابا مفتوحا بفضائل الاخلاق. إنها حياة حافلة بالاخلاص والانسانية للفقيد الكبير نسأل الله تعالى ان يتغمده بواسع رحمته وان يجعل كل ذلك في موازين حسناته. حكمة: من اخر قصائد الدكتور غازي القصيبي رحمه الله: الله يدري انني مؤمن في عمق قلبي رهبة للجليل مهما طغى القبح يظل الهدى كالطود يختال بوجه جميل للتواصل 6930973