بعض العادات والتقاليد في محيطها مقبولة ولا تلفت النظر أو تثير أزمة ولكنها في خارجه قد تبدو مضحكة ومثيرة للشفقة بل وأكثر من ذلك. من باب التساؤل والمعرفة عرض علي صديق صوراً لفتيات في عمر الزهور وهن يتمايلن و(يتلوين) كما الثعابين ..وكان السؤال الصادم هل هن سودانيات؟ حاولت أن أراوغ ولكن كانت مساحة المناورة لا تسمح لي بالإنكار وتماسكت لأشرح له الحقيقة دفاعاً عن بنات جنسي ولكن بلا فائدة فقد وقع الفأس في الرأس. وظللت أسائل نفسي كيف يمكن أن تتحول العادات والتقاليد إلى فضائح؟. كيف يمكن لعريس أن يطلق زوجته إذا شاهد رقصها في وسائل التواصل الاجتماعي بينما سمح لها هو ومجتمعها بذلك؟ وكيف فضح الزمن فساد بعض عاداتنا وبعدها عن الطريق القويم الذي رسمه لنا ديننا الحنيف؟. الشيء المحير أن هذا البث على نطاق واسع وضعنا أمام تناقض حاد فالأصل في هذه اللقطات والمواد المصورة أنها من صميم عاداتنا ولكن هل جاء الوقت لننكر هذه العادات؟ في حين قد يتفاجأ أي سوداني أن التي تتمايل (بغنج) في مفهوم الآخرين هي ابنته أو أخته أو قريبته أو أن بعض عديمات الضمير قد استغللن هذه العادة فقمن ببث مقاطع خليعة لا علاقة لها بمراسم الزواج السوداني بل وبعيدة كل البعد عن عادات النساء في الأفراح. نعم نحن كسودانيين اعتدنا قبل أن يحين موعد الزواج أن تقوم العروس وأهلها من النساء وصويحباتها وجاراتها بالتجمع في جلسات خاصة جداً تسمى (رقيص العروس) أي تعليمها الرقص على أنغام (غناء البنات) ويستمر التعليم أياماً حتى إذا حان موعد الزفاف يمكن للعروس أن تستعرض مهارتها في الرقص حيث لا لا يرى أحدٌ عيباً في ذلك (وهنا مربط الفرس). ولكن مواقع التواصل الاجتماعي جعلت من العادة فضيحة بإخراجها من محيطها ومن ثم اصبحت كسمكة تسبح في الأسفلت فمن يصدق ذلك !.. ومن غيرنا يُصدق أن هذا الأمر (عادي) جداً ولا يحتمل أكثر من هذا. وليس أمامنا الآن إلا التخلي عن مثل هذه العادات طالما أنها أصبحت تستغل ببشاعة فقد يرى أحدنا في يوم ما عروسه أو ابنته بكامل زينتها وهي منهمكة في الرقص بينما تنهمك أخريات في التصوير وتقوم إحداهن ببث ما صورته كاملاً للعالم أجمع مما قد يسبب مشاكل اجتماعية لا حصر لها.