عبدالمجيد بن محمد بن سليمان العُمري أحزان الدنيا وأكدارها وفواجع الأيام ومصائبها، لا تنتهي ولا تنقطع ، وفي كل حين نُهيلُ التراب على عزيز من الأصحاب ، أو قريب من الأحباب، ففي أسبوعين ودعت الأسرة العمرية ثلاثة رجال أعزاء ، و مهما تعددت الأسباب فالموت واحد ،وفجيعته عظيمة على المقربين من المتوفى ،وقد تمتد لغيرهم من غير ذوي القرابة و الصلة والمعرفة إذا كان لهذا الفقيد سيرة حسنة، و أعمال جليلة وأيد كريمة، و تاريخ حافل بالإنجاز و العطاء، فهو بذلك فقيد للجميع ولكل محب للخير والبذل والإحسان، وهنا سيكون الرحيل مؤلماً ومفجعاً، ومصاباً على الجميع، ولكن هذه سنة الحياة، والموت حق ولا محيص ولا مناص منه أبدا، يقول الله تبارك وتعالى : (( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون )) ويقول تعالى و قوله الحق: (( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) ، وإزاء ذلك لا يسعنا إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجبرنا في مصابنا و عوضنا خير منه . وفي يوم الجمعة الثالث عشر من شهر ربيع الأول لعام 1435ه ، ودعت مدينة بريدة وفي جنازة كبيرة علماً من أعلام الوطن ،حيث شاءت قدرة الخالق أن يودع هذه الدنيا الفانية إلى الدار الباقية، الأديب و المربي الفاضل و الصحفي اللامع و رجل الأعمال الشيخ ناصر بن سليمان العُمري ،بعد أن ترجل ظهر يوم الخميس الثاني عشر من شهر ربيع الأول لعام 1435ه ، فارس الكلمة و رجل التاريخ و الأدب الذي كان يشار إليه بالبنان كأحد أهم الشواهد على التاريخ السعودي الماضي والحديث، وعلى قيام الدولة السعودية ، وهو ممن خدم دينه ووطنه منذ عهد التأسيس في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله بل و كلف مباشرة وبأمر مباشر منه بمهام عدة ، و عرف عنه التفاني في خدمة الوطن و الإخلاص في القول و العمل ، مع الحكمة و البصيرة و سداد الرأي ، والثقة والأمانة ، وكان جاداً في عمله، مماجعل كثيراً من المسؤولين يعتمدون عليه في كثير من الأعمال التي تتطلب الدراية و المهارة و الحنكة و حسن التعامل. والفقيد ولد في بريدة في عام 1342ه ووالده الشيخ سليمان العُمري طالب علم وجده لأمه العلامة الشيخ عمر آل سليم رئيس قضاة القصيم في زمانه وعلم من أعلام العلم في بلادنا، -رحمهما الله- ولذا فلا غرابة أن تكون تنشئته تنشئة علمية بل و يزيد على ذلك أن والدته تقرأ القرآن الكريم و تجيد القراءة و الكتابة، في وقت كان يندر فيه من يجيد ذلك، مما وفر له المناخ التربوي والتعليمي في أسرة علمية ، فتعلم القراءة والكتابة في بيت والديه قبل أن يلتحق بالكتاتيب عند الشيخ محمد الصالح الوهيبي ثم التحاقه بالدرس في جامع بريدة عند الشيخ عبدالعزيز العبادي والشيخ محمد بن سليم في مسجد الجردة، وبافتتاح المدرسة الحكومية الأولى في بريدة ، كان من أوائل المنتظمين في الدراسة بها، لاسيما وأن شقيقه الشيخ صالح كان معلماً ومعاوناً لمدير المدرسة. وحيث إن الشيخ ناصر ينتمي إلى أسرة علمية تجارية، فقد عمل بالتجارة وهو طفل صغير في محل تجاري شمال جامع بريدة يبيع فيه الأقمشة، وفي داخل المحل يكتب للناس الرسائل، كل ذلك وهو في مراحله الأولى،وعندما بلغ سن الرشد غادر مدرج صباه طالباً السعي للرزق والعمل بالأسباب والاعتماد على نفسه، وإن كان والده بيت عز وثراء فإنه أراد أن يكون معتمداً على الله سبحانه ثم على نفسه متمثلاً قول الشاعر : و إنما رجل الدنيا و واحدها من لا يعول في الدنيا على أحد وبعد حصوله على الشهادة الابتدائية التحق بالوظائف الحكومية مبتدئاً بالعمل في مالية الرياض ( رئيس كتاب هيئة التموين بالرياض) ثم مفتشاً بالوزارة ومفتشاً بالجمارك ، وعند تعيين الأمير مساعد بن أحمد السديري أميراً لمنطقة جازان عام 1367ه طلبه شخصياً لمرافقته والعمل معه معاوناً في ديوان الإمارة، لما لمسه فيه من الكفاءة و النباهة و تحمل المسؤولية، و بعد مضي سنتين استأذن الفقيد من الأمير السديري بالعودة إلى الرياض ومنها إلى القصيم ، لأنه لم يأت بعائلته معه. وعاد للقصيم ولمهنة التعليم تحديداً في شهر محرم عام 1369ه، وتعين مساعداً لمدير مدرسة الفيصلية الابتدائية وبقي فيها حتى عام 1376ه بعد أن كلف بإدارة المدرسة لعدة سنوات، واعتذر إبان عمله في التعليم عن إدارة بعض معاهد المعلمين أنحاء المملكة التي أنشئت حديثاً في تلك المدة ، وقد انتقل للعمل في دور الأيتام مفتشاً عاماً وكان عدد الدور في ذلك الوقت خمسة وعشرين داراً ، ولم يمكث بهذا العمل طويلاً ، فقد انتقل بعدها للعمل في وزارة المواصلات ، وترك العمل في وظيفة كبير المفتشين و هي تعادل المرتبة الرابعة عشرة ، هذه لمحة عاجلة وسريعة عن التعليم والعمل الحكومي للفقيد (رحمه الله) و هي محطة يسيرة من محطات هذا الرجل الرائد الذي سبق عصره و زمانه . لم يكن العمل الحكومي هو مسار الشيخ ناصر العمري رحمه الله ، فإلى جانب العمل الحكومي، كان له اسهامات وطنية تنموية في مجال الثقافة والإعلام وفي مجالات الزراعة والصناعة والتجارة ، فقد كان في شراكة تجارية مع أشقائه صالح و إبراهيم رحمهم الله منذ عقود طويلة في بيئة يسودها الألفة والمحبة والأخوة الصادقة، وحسن التعامل و قوة الترابط ، والتعاون والتكاتف، وكانوا مثالاً يحتذى في قوة الترابط والتلاحم وصلة الأرحام والتسابق في أعمال البر والإحسان وإكرام الضيف، وهو طابع عام في أسرتهم،وهي أسرة يستعذب الناس ذكرها لمكارم خلق أبنائها ، فهم مقصد ومأوى للأضياف، وذوي الحاجة ، كما كونوا لبنة صالحة في خدمة دينهم ووطنهم ومجتمعهم ، ومما أكسبهم ثقة وتقدير ولاة الأمر منذ عهد المؤسس ونفوس المجتمع لما قدموه من خدمات جليلة، وأكد هذا التقدير صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز خلال لقائه رجالات الأسرة العُمرية وتقديمه العزاء في الفقيد والثناء على منجزاته الحضارية والأدبية والثقافية ، وإسهاماته الوطنية , وعلى عموم الأسرة وتاريخ رجالاتها الطيب الذكر والسيرة الحميدة لهم. عمل الشيخ ناصر في الصحافة كاتباً في أكثر من عشرين مطبوعة منذ ما يزيد على ستين عاماً كتب خلالها العديد من المقالات التي تجاوزت الألف مقالة والقصائد وكان إلى جانب الكتابة الصحفية مؤسساً ومساهماً في تأسيس صحيفة القصيم وجريدة الجزيرة وتأسيس مطابع القصيم في الرياض وبريدة وهي من بواكير المطابع في المنطقة الوسطى وتشرفت بطباعة أمهات الكتب إلى جانب طباعة صحيفتهم صحيفة القصيم ، وأسهم في تأسيس شركة أسمنت القصيم, الذي كان فكرة اقتصادية بعيدة الرؤى في حين كان يراها البعض ضرباً من العبث والتهور بما في ذلك بعض مسؤولي وزارة التجارة , ومما حدثنا به العم ناصر عما واجهوه من صعوبات في الحصول على التصاريح اللازمة من وزارة التجارة آنذاك والرفض ما يقعد ويثبط , ولكن الرغبة الصادقة والإلحاح ومن قبل توفيق الله جعل الفكرة في حيز التنفيذ ، ليصبح من أهم مصانع الاسمنت في المملكة ويسهم في التنمية منذ ما يزيد على أربعين عاماً ، وكان ولا يزال الأعمام وأبناؤهم من كبار المؤسسين والمساهمين. تميزت أطروحات الشيخ ناصر بن سليمان العمري من خلال كتاباته الصحفية المتعددة وعلى مدى عقود طويلة بالصدق والوضوح والشفافية وتقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية , وعرف بالرزانة ورجاحة العقل وبعد النظر ، وكان من الغيورين على دينه ووطنه صادقاً في ولائه وإخلاصه لولاة أمره ، ولن تنسى أروقة الصحافة وأوراقها وتاريخها مواقفه الإيجابية في مواجهة الناصرية وحملتها الشعواء على المملكة وتبصير العامة والخاصة بخطر الشيوعية وكذب إدعائها ، ولم يأل جهداً في سبيل نشر الوعي بأهمية نشر التعليم على أوسع نطاق و توسيع نطاق الخدمات وربط المدن والقرى بشبكات الطرق، فصار محل احترام وثقة ولاة أمور هذه البلاد، ولم يخل زمان ومكان من حاسد وصاحب هوى وأعتم كالخفاش يعشق الظلام ، وعانى العمري من بعض المغرضين والمنتفعين الذين يقدمون مصالحهم الفردية على مصلحة الوطن أو كان لهم حسابات سابقة في مناهضة عبدالناصر وأبواقه، وما حدث له حدث لرفيق دربه في مسار القلم النزيه الشيخ زيد بن فياض فكلاهما ترجلا عن سلك العمل الحكومي بطريقة واحدة، وهما من حملا أكفانهما على أقلامهما دفاعاً عن الدين والوطن في حين كان البعض يتلمس الرخص والأذونات لقضاء الإجازات في حمى عبدالناصر متظاهراً بعلاج أو بغيرها، وكانت أولى الكتابات الصحفية له منذ مايزيد على خمسة وستين عاماً شملت مجموعة من الصحف والمجلات كالمنهل و البلاد والقصيم، الندوة، ، قريش، الرائد، المدينة، الرياض و الجزيرة، عكاظ، اليمامة ، وأم القرى , والصحف الخليجية . وفي عهد صحافة الأفراد أسس أخوه الشيخ صالح العمري صحيفة القصيم وكان عوناً له في رئاسة التحرير ونهضا بها حتى توقفت مع توقف صحافة الأفراد ، وكان العدد الأخير من الصحيفة رقم 216 وتاريخ 28-10-1383ه وهو آخر عدد صدر من الجريدة بعد قرار وزارة الإعلام إيقاف جميع صحف الأفراد، وواصل مسيرته الصحفية تلبية لطلب رفيق دربه الشيخ عبدالله بن خميس بعد تأسيس جريدة الجزيرة وكان من المشاركين في إدارة التحرير منذ العدد الأول للصحيفة، ثم ما لبث أن ترك العمل الإشرافي ليقتصر على الكتابة فقط ، وكانت جريدة البلاد آخر محطاته الصحفية كتابة. تميزت مقالات الشيخ ناصر العمري بمميزات عدة لعل من أبرزها الرؤية الاستشرافية و بعد النظر والمطلع على المقالات القديمة في الشأن الاجتماعي يظن بأنها كتبت للتو مما يؤكد على ريادته وأنه سابق لزمانه ، وهذا ما قاله له رئيس التحرير في جريدة البلاد الأستاذ عبدالله عريف في زمانه عقب مقالة كتبها العمري ، ومن المقترحات والموضوعات التي سبق له طرحها في الصحافة : - الدفاع عن الوطن ضد الحملات الناصرية و الشيوعية الشعواء. - الدفاع عن قضية فلسطين . - الدفاع عن قضايا البلدان العربية و الإسلامية المستعمرة ، وفضح وحشية المستعمرين . - تبيان التحامل الغربي على قضايا الإسلام و المسلمين و تعطيل حقوقهم و مصالحهم ، و خاصة أثناء الاستعمار الأجنبي لعدد من البلدان العربية والإسلامية، و خلق المشاكل الحدودية عقب نهاية الاستعمار ، لإشعال فتيل الخلاف و النزاع بين البلدان الشقيقة المتجاورة. - اقتراح إنشاء مصانع سيارات في المملكة. - اقتراحه الاستفادة من الغاز المحرق و تحويله في خطوط وأنابيب و مد المصانع بها , و إنشاء مناطق صناعية لهذا الغرض. - اقتراحه بتعميم خط السكة الحديد بين مدن المملكة. - مطالبته بالاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي في مكةالمكرمة. - مطالبته بإنشاء أندية أدبية. ومما يذكر في كتابته و تميزه ليس تفرده في أسلوبه الرصين و قوته في الطرح بل تعدى ذلك، إلى أفقه الواسع وفكره الوقاد حين توقع قدوم الهاتف المرئي والمتنقل، قبل خروجه و تصنيعه. ولم يكن الفقيد كاتباً صحفياً فحسب بل كان خطيباً مفوهاً و أسند له بأمر الملك فيصل - رحمه الله -أن يلقي كلمة الشعب السعودي في الحملة الوطنية الشعبية السعودية لنصرة فلسطين، و ألقاها أمامه في ح ، يضاف إلى ذلك أنه شاعر ملتزم سخر شعره لدينه و لبلاده ولمجتمعه، و استشهد هنا بقصيدة ألقاها بين يدي الملك سعود رحمه الله عام 1376ه قال و منها: سعود الدين و الدنيا جميعاً يشع المجد من برديه نورا به الدنيا قد إزدهرت و تاهت به السمحاء انبتت القصورا فسائل عنه مملكة و شعباً يجبك الشعب معتزا فخورا بأن سعوده أولاه علماً وعدلاً من حكومته وفيرا وفي عام 1396ه عاوده الحنين مرة ثانية إلى مدينة بريدة مهوى رأسه و مسرح طفولته واستقر بها مع شقيقه صالح - رحمهما الله - حيث عاد الإثنان و استقرا منذ ذلك العام ، ليشرفا مباشرة على مشاريعهم العقارية والصناعية و الزراعية و التجارية وقد قال بهذه المناسبة قصائد عدة يودع فيها الرياض و يبين شوقه لمحبوبته بريدة ومنها قصيدة يقول في مطلعها: تركت الرياض و أهل الرياض و ما في الرياض من المغريات وعدت إلى موطني مسرعاً أحث الخطى لجميل الهبات إلى آخر القصيدة الفياضة بالمشاعر ، ولم يقف الوجد و الشوق على هذه القصيدة فقد قال قصائد أخرى في ذلك ومنها قصيدة (بريدة) و هي معشوقته الأولى : أم القصيم تلفتت فأجبتها لبيك بالكلمِ الرصين مقالي وصف تزين قد أتت كلماته تجلو العمى عن مغرض أو غالي بلدي وما بلدي علي رخيصة ويل الشجي من العذول السالي لو كنت أملك قدرة لفرشتها بالدر والياقوت من أموالي أم القصيم( بريدة) أعظم بها وطن الشهامة و الإبا المتعالي لله للتاريخ ماضي أهلها ليسوا بأهل الذل والإخمالِ ومع إشرافه غير المباشر على أعماله ، فقد كان له مجلس يومي في الضحى ، يفد إليه العديد من الضيوف يتبادلون الحديث في التاريخ و الأدب و شؤون المجتمع، ومجلس آخر عصر كل يوم غير أن المجلس المسائي يحضر له من لا تمكنه ظروفه ومشاغله الوظيفية من الحضور ، وكان لمن يفد من خارج بريدة نصيب من هذا المجلس حينما يزوروا هذه المدينة، و كان يأنس بهم ويتحدث إليهم ، وعلى الرغم من أنه يملك أسهماً كثيرة في شركة الكهرباء إلا أن حرصه على مصالح الناس كان مقدماً على مكاسبه الشخصية فقد كتب مطالباً من ولاة الأمر بالسعي لتخفيض سعر الكهرباء من بال التيسير على الناس ،وكتب كتاباً للأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله كتاباً مع أبيات شعرية قال فيها: سعر الكهرباء ثقيل على نفوس الأهالي والبعض منهم فقير يسعى لرزق العيالي وأنت عدل كريم محمود كل الخصالي فخفض الحمل عنهم وخذ بسعر مثالي والشعب يمشي لخير على طريق الكمالي والفهد دوماً وفي يسمو ببذل المعالي ولي مع العم ناصر رحمه الله ذكريات جميلة، لا يتسع المجال لذكرها بدءاً بحثه لي على التعليم ، ووصاياه الدائمة بالعلم النافع والاهتمام بمعالي الأمور , تشجيعه المعنوي لكل خبر سار يسمعه عن أبناء أخيه ، وحثه لهم على الهمة العالية ، وكلما زرت بريدة كان له سويعات خاصة أسمعه فيها بعض أشعاري و يسمعني من قصص طيبة وأخبار عن أخيه الأكبر ( غير الشقيق ) والدي الشيخ محمد بن سليمان العُمري ما يسلي به خاطري، و ربما ذكر بعض القصص أكثر من مرة ولاسيما إذا كان من في المجلس من لم يسمع بالقصة ، فيقول هذا ابن الأخ محمد ثم يأتي بأخباره السارة التي تبهج النفوس و تشفي الصدور، و رغم فارق السن كنت أحظى بأوقات ثمينة باتصالات هاتفية منه و كان لي شرف الإشراف على طباعة و مراجعة كتابه الأول ( ملامح عربية) الذي طبع بدار الشبل وكنت أغشى مكتب الأستاذ الأديب عبدالرحمن الرويشد صاحب المطبعة و الدار و أتولى مراجعة الكتاب حتى صدوره، و هو كتاب متميز في فنه و أصبح مرجعاً للباحثين والمؤرخين لتاريخ المملكة العربية السعودية ويحكي قصصاً عن تاريخ بريدة، والعقيلات، والكثير من الأسر، والقبائل السعودية، ويحتوي العديد من القصص و الأخبار التي تعزز القيم و الشهامة ومكارم الأخلاق، وله كتب أخرى منها مجموعة قصصية( وفاء) و ديوان شعري( مشاعر عربية) و كتاب ذكريات الذي أصدره ابنه الأستاذ ماجد بن ناصر العمري هذا العام1435ه، وكتب الناشر تعريفاً عن الكتاب و صاحبه قال فيها: ( لكل منا قصة تستحق أن تروى، فما بالك بالرواد الذين صنعوا طرقاً جديدة، أسسوا وبنوا، وشاركوا مع الآخرين مراحل العطاء والتأسيس. حكاية وطن، ومرحلة مهمة من تاريخ المملكة العربية السعودية لرجل أعمال وأديب ومعلم ومربي وصحفي مخلص عايش وعاصر الكثير مما عاشته البلاد، التقى بالملك عبد العزيز والملك سعود والملك فيصل وغيرهم من الأمراء والوزراء والعلماء والمثقفين، وكان مثالاً للمواطن الناصح الصالح، شجاعته لا تمنعه من أن يكون معتدلاً منصفاً. بدايات التعليم النظامي في السعودية، تعليم القصيم، إسمنت القصيم، بدايات التجارة والزراعة والصناعة، صحيفة القصيم وصحيفة الجزيرة وريادة الصحافة وبداياتها. شارك بتأسيس كل ذلك وأكثر). وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مما يبقى للإنسان بعد وفاته العمل الصالح والعلم والدعاء والصدقة الجارية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ) أخرجه مسلم في صحيحه ، وقد كان الفقيد محباً للخير والبذل و الإحسان مع المحتاجين وعن طريق الجمعيات والمؤسسات المختصة ومن ذلك أنه قدم لعدد من الجمعيات مساهمات وتبرعات باسم (فاعل خير) كما أسهم في بناء مساجد في الداخل والخارج و قدم للأمين العام المساعد السابق لرابطة العالم الإسلامي فضيلة الشيخ محمد العبودي مليون ريال تبرعاً على المشروعات التي يراها مناسبة ومشروعات خيرية متعددة ، و آخر أعمال البر له قبل أشهر وقف ب قيمة 5 مليون ريال وتكفله بمشروع إنشاء وقف تعليم الفتيات للقران الكريم ببريدة ب 15 مليون ريال.كما اسهم في طباعة الكتب والمصاحف و منها طباعة 5000 نسخة من صحيح البخاري 20 الف مجلد ، وطباعة 5000 نسخة تفسير ابن كثير. وزعت على المراكز الإسلامية خارج المملكة، و قد كان لي شرف المساهمة في توزيع بعضها في أكثر من خمسة و أربعين بلداً. وقبل أن أختم مقالي هذا أعرض للقراء بعض ماكتبته من أبيات سريعة لحظة الوداع جالت في خاطري ساعة الحدث فقلت في وفاة العم ناصر رحمه الله: أعزيك نفسي وأبناء عم بفقد الأديب الأريب الأشَمْ أُعزي بريدةَ في ابنها وعاشقها الناصر المُحترَمْ رأيتُ بريدةَ قد ودعت حبيب القصيم بدمعٍ وَ دَمْ رأيت عليها دموع الأسى وتبكي بحزنٍ ..جميل الشِّيمْ لقد كان يبغي لها رفعةً ويشحذ في النابهين الهممْ وداعاً وداعاً أيا عمنا فقيدُ البيانِ فقيدُ القلمْ اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم, وعافهم واعف عنهم, وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم , واغسلهم بالماء والثلج والبرد ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم جازهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا , وطيب ثراهم وأكرم مثواهم واجعل الجنة مستقرهم ومأواهم.