كشفت وزارة التّربية والتّعليم عن واقع خطير لمستوى المعلمين والمعلمات المتقدّمين لاختبارات الكفايات الأساسيّة . بعد أن أوضحت النتائج إخفاق 90% منهم والذّين يمثلون نسبة75% من المجموع العام على مستوى التّربية والتّعليم . وهي نتيجة مقلقة جدا ومؤسفة .. أن يكون العاملون في الميدان التربوي بهذا المستوى المتدنّي - حسب مقاييس الاختبارات التي أقرتها الوزارة - فإذا كان هذا هو حال المعلمين والمعلمات على اعتبار أنهم أس العملية التعليمية والتربوية فكيف سيكون حال الطّلاب والطّالبات. ولأن الأمر غاية الإزعاج - كما نعتقد - فيجب أن تسعى الوزارة ومعها وزارة التّعليم العالي والجامعات وبقية الجهات التي تعنيها شؤون وشجون التعليم المسارعة في معالجة هذا الخلل الكبير والخطير على مستوى الدّولة . فليس من المنطقي ولا المقبول ولا المعقول السّكوت على مثل هذه النّتيجة السلبيّة دون التّحرك الجاد والسّريع لتصحيح الوضع بكافة الطّرق ومختلف الأساليب .. لأن الموضوع يتعلّق بالأجيال وبمستقبل بلادنا عموما . والاعتقاد بأن أولئك المعلمين هم في الأصل مخرجات لكليّات تهتّم بالكمّ لا بالكيف , ولم يكن يعنيها سوى تخريج الطّلاب كيفما اتّفق .. دون إعداد حقيقي أو تطوير فعلي لهذه المهنة ( التّدريس) . والقضية مهمة وخطيرة ! فمستقبل الوطن مرهون بمستوى التّعليم وتطويره وخروجه من إطار الرّتابة والتّلقين والتّحفيظ الآلي إلى آفاق أرحب تبدأ بمعلمين حاذقين ومناهج ناضجة وبيئة جاذبة ليتحقّق من خلالها إحكام العقل وتغذية المهارات ودعم المواهب وتشكيل الوعي . ومن الأهمية حسن اختيار المعلمين , سواء عند القبول في كليات التّربية بالجامعات أو عند التّعيين .وعدم التّهاون أو التّغاضي في هذا الجانب، لأنهم - أي المعلمين - ركيزة البناء وأساس نشر المعرفة .. والعمل أيضا على تقييم المناهج وأساليب التّدريس في الكليّات التّربوية لتتوافق مخرجاتها مع حاجة الميدان ومتطلّبات المجتمع . ويظلّ من أهم واجبات الوزارة تكثيف التّدريب التّربوي واستمراريته بشكل ممنهج بدلا من الجرعات المبتسرة والطّريقة الصّورية لتأهيل المعلّمين والمعلّمات وتحسين مستوياتهم والارتقاء بهم لضمان الجودة في التّعليم والاستفادة من الخبرات المميّزة .. ويجدر بها أن ننظر لموضوع الحوافز لعلها تحرّك ساكنا . فليس من المنطقي أن يتساوى الجميع في العلاوات السّنوية والتي يكسبها المهمل الخامل مثله مثل المبدع العامل ! فلو تقرّرت بنسب معيّنة لينال من يحصل على تقدير (امتياز) حقيقي على نسبة أعلى يليه في النّسبة من يحقّق تقدير (جيد جدا) ومن بعده من يأخذ تقدير (جيد) بنسبة أقل . ووضع من يكون دون ذلك على محكّات , ويخضع لبرامج تطويرية إلزامية يبذل معها جهدا ليرتقي بمستواه ,حتى لو استدعى الأمر إبعاده عن حقل التربية والتعليم إلى أعمال إدارية بعيدا عن الفصول الدراسية , والأهم أن يدرك المعلم واجبات هذه المهنة ويعرف متطلّباتها وأبرزها تطوير الذّات واكتساب وتجويد العمل ، لأنه لا يقوم بوظيفة عاديّة بل يؤدّي رسالة مهمة وسامية لينطبق عليه ما قاله شوقي (كاد المعلّم أن يكون رسولا) ولينال من كل أفراد المجتمع التّبجيل والتّقدير والاحترام.