الكتابة المجداف في بحر مواقع التواصل الاجتماعي .والكتابة عصب الحياة الثقافية وأيضًا القنطرة المتوغلة في كافة المجلات الممدودة على طول البعد الثقافي والاجتماعي بين الكاتب والقارئ،وليس بالضرورة أنّ كل ما يُنقل من خلالها يتوافق ويتماثل مع نظرة الطرف الآخر لأن ثبات التوافق بين القارئ والكاتب يشي بخللٍ مقصودٍ أو غير مقصود.بمعنى أن عدم التوافق قد يكون ظاهرة صحيّة لتوسيع الرؤى بعكس لو كانت هذه الظاهرة "عدم التوافق " بين الكاتب وحروفه! . وهذا للأسف يتضح من خلال بعض المقالات وبعض الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي فلا توافق فكري أو معرفي بين الكاتب وحروفه! . والسابر لأغوار الكتابة من خلال نظرة تأمليّة يدرك عدة أمورٍ أهمها بالنسبة لمقالي أولا:أن الكتابة الإبداعية صعبة ،حتى تلك الومضات التي تأتي جاهزة لا تحتاج منك إلّا إلى تدوينها كانت قد استنزفت تفكيرك في وقت سابق. الومضات والأفكار التي تطرق فكرك هي استجابة لمحاولاتك السابقة مراودتها لكنها ما جاءت إلّا بعد نضجها في الوقت الذي حددته هي لا أنت. ثانيًا :غالبية الكُتب التي تطبع للمرة الثانية والعاشرة لأباطرة مواقع التواصل الاجتماعي موجّهة لذوي الثقافة المحدودة أو للمراهقين وهي ذات أفكارٍ مهترئة لأنها أُستخدمت مرارًا وتكرارًا ،كُتب لاتقوى على القيام بحراك ثقافي،ولا تستطيع المنافسة على عرش الكتابة.وكأن هذه الكُتب لمن لا يرغب في إهدار فكره في الأفكار العميقة.وهذا أمرٌ جلل يستوجب الوقوف على أسبابه ومعالجته فغالبية هؤلاء الكتبة الذي يحظون بأعداد هائلة من المتابعين لا يُتابِعون إلّا نزرًا يسيرًا من الكُّتاب الذين هم على نفس الشاكلة ونفس الخُطى ،والأجدر متابعة الكُتّاب الكبار ذوي الخبرة والخُطى المنقوشة الموثّقة في درب الكتابة،والاطلاع على الكتّاب الأوائل الذين تربّعوا على عرش البيان فتزداد الذخيرة اللغوية وتتعمق التجربة من خلال الإدراك لتجارب الآخرين،بالتالي يتحسن إنتاج الكاتب،وتتطور ذائقة المتابع له.ثالثًا:المرأة الأديبة غالبًا لم تنأى بنفسها عن هذه المهزلة الكتابيّة بل ساهمت فيها من خلال تبجيلها لنفسها وذكر مناقبها، وكغيرها مِن مَن تجرّأ واحتضن انتاجه بين دفّتي كتاب ولها أقول:إمّا فكرًا أدبيًا قادرًا على منافسة الرجل والدخول معه في شراكة حقيقية يعوّل عليها وإلّا أكتبِ في فن الطبخ وصراعات الموضة ولا بأس من يوميّاتك و آخر خلافاتك مع أم زوجك.