( شراعة) من هذا – الشباك – الذي نطل منه على ذكريات مضت وقد حرصت على أن تكون لأناس قد كانت لي معهم مواقف مباشرة لا عن شخصيات لها مكانتها الفكرية والأدبية ولكن لا يوجد لهم مواقف معي شخصياً، لهذا أسجل اعتذاري إن أنا لم أذكرهم. ثانياً هذه الذكريات - عن الذين رحلوا إلى بارئهم وليس عن من يعيشون معنا متعهم الله بالصحة والعافية وطولة العمر. أذكر في بداية عام 1385ه أن التقيت به لأول مرة وجهاً لوجه كنت بصحبة العزيز ابراهيم البسام رحمه الله عندما قال لي تعال لنسلم على رجل من أحرص الرجال على فعل الخير.. كنت اسمع به من خلال صديقه الحميم الحبيب الاستاذ عبدالعزيز ساب رحمه الله الذي كنت التقي به دائماً من خلال ما كان يجمعنا من عمل حيث كان هو أحد أعضاء مؤسسة جريدة المدينة وكاتب زاوية همس وجهر وأنا بحكم بداية عملي أيامها فيها.. كان أبو هاني "الساب" كثير الالتحام به حيث ترافقا في جمعية البر لتتواصل معرفتهما الى اعماق اكثر خصوصية. واكثر اتساعاً في شؤون المجتمع. كان يومها في دكانه في بداية شارع العينية وكان لديه بعض المعارف عندما لفت نظري رجل كان محل اهتمامه رحمه الله عندما قال له ها.. ابو جوجو تقدر تأكل هذا البرشومي بقشره وقد فعل أبو جوجو ذلك أمام ذهولنا جميعاً كان الشيخ عبدالرحيم مبارك عويضة ليس غريباً منه ما كان يقوم به من أعمال خيرية من خلال الرصيد الذي زودني به عنه حبيبنا الاستاذ عبدالعزيز ساب.. لتمتد معرفتي به منذ ذلك التاريخ فلم أجده يوماً إلا فاعلاً لكل خير بعيداً عن أي لفظ في سوء لآخر. كان كريماً باب بيته لا يغلق كأنه يطبق تلك الآية الكريمة (وأجعلوا بيوتكم قبلة).. فما تكون هناك أية قضية إنسانية أو أسرية وتشكل لها مجموعة من أهل الخير والوجاهة في البلد إلا ويكون هو أحد أضلاعها أو أعضائها الفاعلين يجد ويحرص على انجازها، إنه من أولئك الرجال الفاعلين لكل معروف ومن أولئك الذين لا يهدأ لهم بال إذا ما علم بأن هناك من هو في ضائقة سواء كانت مالية أو أسرية أو اجتماعية إلا بادر الى التصدي لها بكل ما يملك من جاه ومكانة اجتماعية. بل ومال عند ترؤسه لجمعية تحفيظ القرآن كان يعيش سعادة عند أي احتفال تخرج لطلبة الجمعية ويقول ان الفرحة لا تسعني انهم كأبنائي وأنا أراهم قد أتموا حفظ كتاب الله.. ذات يوم وقد تعمقت علاقتي به ان طلبت منه أن يعطينا فرصة لكي نجري معه حواراً للصحيفة التي شهدت بداياتي العملية حول جمعية تحفيظ القرآن وجمعية البر فكان رده الذي لازلت أذكره.. ان قال لي: يا علي.. ان ما أقوم به أرجو به وجه الله لا أريد أن اظهر في الصحف لكي أقول شيئاً كأنني أريد أن أقول للناس أنا هنا.. وقال ضاحكاً: شوف حبيبك عبدالعزيز ساب يمكن يعطيك ثم أردف خليها لله والعمل له سبحانه وتعالى وذات يوم آخر كان هو والعزيز عبدالعزيز ساب وكنت ثالثهما وكان الحديث عن ما سوف يقدمانه في احتفال جمعية البر.. وكان كلاماً كله يصلح للنشر فالتفت الي – العزيز ساب – قائلاً أراك متحفز لكي تنشر ما سمعت.. قلت إذا لم يكن هناك مانع. فالتفت الي هو قائلاً: لا .. الأخ علي قد اتفقت معه على ان لا ينشر شيئاً عني في الجمعية ولا في تحفيظ القرآن لابد أن يكون ملتزماً بذلك.. وبالفعل – التزمت – لرغبته وهو التزام اعترف أنني لم أكن فيه ملتزما إلا معه.. فمن أولى خصائص "الصحفي" ألا يصمت عن ما يعرف ويسمع.. لكن هذا ما حدث معه رحمه الله. لقد كان الشيخ عبدالرحيم مبارك عويضة رجل الاستقامة والأريحية والفضل أحد الوجهاء الذين استطاعوا أن يحفروا أسماءهم في جدار – الخير – في البلد العزيز بلد النقاء والصفاء مدينة الحب والايثار مدينة اشرف الناس صلوات الله عليه وسلامه، لقد كان أحد الفاعلين الذين لا يركنون الى الدعة والى أخذ الامور على بساطتها اذا ما كانت متعلقة بقضايا الناس البسطاء الذين لهم عنده اهتماماً كبيراً فلا يهدأ له بال الا اذا قام بما يرضيه من جهد وعمل انه ذلك الانسان الذي وافاه الأجل المحتوم وتم دفنه يوم الخميس 9/ 2/ 1435ه اسكنه الله فسيح جناته. علي محمد الحسون