اذا لم تكن مطراَ يا حبيبي ...فكن شجراَ.. مشبعا بالخصوبة ...كن شجراَ و ان لم تكن شجرا يا حبيبي ..كن حجراَ..مشبعاَ بالرطوبة ..كن حجراً.. و ان لم تكن حجرا يا حبيبي.. فكن قمراَ في منام الحبيبة ...كن قمراَ...هكذا قالت امرأة لإبنها في جنازته ...." بهذه الكلمات أحيت مجموعة من الناشطين الثقافيين والمسرحيين في الأردن قصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش خلال قراءات شعرية رافقتها أنغام موسيقى عزفها مجموعة من الفنانين الشباب على خشبة مسرح البلد في عمان في تظاهرة موسيقية شعرية تضامناً مع غزة و تكريماً للشهداء و شجباً للعدوان الإسرائيلي الوحشي و رفضاً لموقف العالم المنحاز الى سياسة اسرائيل الإرهابية. وتضمنت التظاهرة قراءات شعرية باللغتين العربية و الإنجليزية من قصائد درويش (حالة حصار، لي حكمة المحكوم بالإعدام، فكر بغيرك، إصمت من أجل غزة!) رافقتها أنغام مقطوعات موسيقية وتلاوة لأسماء الشهداء والتي جاءت حسبما أفاد رائد عصفور مدير مسرح البلد رداً على الأرقام التي تظهر على شاشات التلفزة عند الإعلان عن عدد الشهداء والضحايا، هذه الأرقام التي تتزايد يوماً بعد يوم وهي بالفعل تمثل أشخاصاً مثلنا تماماً وكان لكل واحد منهم اسماً وكان يتمتع بحياة.. وكانوا جميعاً يربون الأمل. وفي بداية التظاهرة الفنية لم يأبى الموسيقار الأردني طارق الناصر إلا أن يكون من المشاركين حيث عزف مقطوعة موسيقية ترحيبية بالجمهور الذي احتشد بالتوافد إلى صالة المسرح الرئيسية، وجاءت مشاركته بشكل عفوي مدفوعة بحماسة تلقائية للتضامن مع رفاقه الفنانين من أجل غزة. كما شارك الفنان الأردني ايمن تيسير بقصيدتين غنائيتين كانت أولهما "شاطىء الأحزان" من تأليف الشاعر عوني قدورة والتي يهديها الى الطفلة هدى التي فقدت عائلتها على شاطىء غزة، جاء فيها: "يا شاطىء الأحزان، فوق رمالكَ العزلاءِ، قتلوا البراءةَ، أغرقوها بالدماءْ. فجعت هدى ملتاعة صرخت يشق نحيبها قلب الغضا، تعدو وتصرخ تستغيث، فمن يمد لبنت كنعان يدا، فيجيب صوت قيل من أرض الفدا،،ما من مغيث يا هدى انت اليتيمة اصرخي، فصراخك الملهوف ليس له صدى". وقصيدة فِلِسطينْ للشاعر علي محمود طه "اخي جاوز الظالمون المدى " حيث شاركه الجمهور بالغناء. وتضمنت القراءات الشعرية قصيدة درويش "اصمت من اجل غزة" قام بأداها الفنان الأردني عامر الخفش وسيرين حليلة جاء فيها: تحيط خاصرتها بالألغام .. وتنفجر .. لا هو موت .. ولا هو انتحار انه أسلوب غزة في إعلان جدارتها بالحياة منذ أربع سنوات ولحم غزة يتطاير شظايا قذائف لا هو سحر ولا هو أعجوبة، انه سلاح غزة في الدفاع عن بقائها وفي استنزاف العدو .... لأن الزمن في غزة شيء آخر .. لأن الزمن في غزة ليس عنصراً محايداً انه لا يدفع الناس إلى برودة التأمل... ولکنه يدفعهم إلى الإنفجار والارتطام بالحقيقة. الزمن هناك لا يأخذ الأطفال من الطفولة إلى الشيخوخة ولکنه يجعلهم رجالاً في أول لقاء مع العدو ليس الزمن في غزة استرخاء ولكنه اقتحام الظهيرة المشتعلة لأن القيم في غزة تختلف .. تختلف .. تختلف كما قام بأداء القراءات الشعرية سمر دودين، ريم أبو كشك، ناديا عودة وماري نزال. المقطوعات الموسيقية من تأليف الفنان الأردني طارق يونس و أداء عازفتي البيانو تالا توتنجي و زينة عصفور، بالإضافة إلى الفنانين عمر الفقير و طارق الجندي ووسام طبيلة وفادي غوانمة ومهند عطالله وآلاء التكروتي في مقطوعات على العود والفلوت بمصاحبة الإيقاع. هذا وتضمنت التظاهرة التضامنية عرضاً بصرياً من تصميم رائد عصفور حيث توجه الحضور في نهاية العرض عبر الشاشة للشاعر الراحل محمود درويش مردداً "على هذه الأرض ما يستحق الحياة". ردد بعدها المشاركون أغنية "موطني" وسط تفاعل جماهيري كبير. وأفادت سمر دودين مخرجة التظاهرة الفنية لم نرد لهذه التظاهرة أن تكون عملاً فنياً وتضامنياً فقط، بل أن ينتج عنها تضامن فعلي من خلال حث كل مشارك على القيام بمساهمة، ولو بسيطة، في دعم صمود الأهل في غزة، حيث تم رصد ريع التظاهرة لمستشفى الهلال الأحمر لشراء مستلزمات طبية لعمليات القلب والعظام لصالح مستشفى الهلال الأحمر في غزة، كما سيذهب جزء من الريع لحساب وكالة الغوث الدولية (الأنروا).