تصوير - خالد الرشيد .. سيطرت العمالة الوافدة على سوق العمل في القطاع الخاص بنسبة تجاوزت ال 90% ولم تترك مجالاً للشباب السعودي الذي أصبح كالمتفرج بينما تزاول العمالة الوافدة مختلف المهن التي ظلت تجني آلاف الريالات من ورائها. حاولنا خلال جولتنا استطلاع العديد من الآراء حول هذه الظاهرة عبر تحقيق شامل من الواقع، فكانت المحصلة كما يلي: البداية كانت من الأسواق الشعبية التي تقع تحت سيطرة العمالة الوافدة حيث تمارس البيع والشراء في الأسواق، ففي محلات بيع الأثاث المستعمل والمجدد لم نلحظ خلال جولتنا أي شاب سعودي يعمل في هذه المحلات رغم أن العمل فيها لا يحتاج إلى جهد. الصبر والاعتماد على النفس: قال أحد الوافدين المقيمين من الجنسية البرماوية:"أزاول مهنة بيع وشراء الأثاث المستعمل منذ فترة طويلة قاربت ال 20 عاماً، وقد كانت بداياتي بالمحلات الصغيرة ومن ثم توسعت ليصبح المحل كبيراً حيث نشتري غرف النوم القديمة والمستعملة بسعر رخيص ونبيعها بسعر مرتفع بعد تجديدها، وكذلك الدواليب وقطع الأثاث المنزلي الأخرى"، مشيراً إلى أن العمل هنا يحتاج إلى الصبر والاعتماد على النفس، واستغرب عدم وجود شباب سعوديين في مثل هذا السوق الذي توجد به فرص كبيرة لكسب الرزق. الإقبال كبير: ومن جانبه بين علي أحمد يمني صاحب عربة عطور أنه يكسب أفضل من صاحب المحل نظراً لإقبال الناس على شراء العطور الرخيصة السعر والتي لا يتجاوز سعرها العشرين ريالاً وهي متعددة الأنواع والأصناف ويقبل على شرائها أصحاب الدخل المحدود وينشط الييع في نهاية الأسبوع.وقال أبو أحمد:"أجول بعربتي داخل السوق وفي الشارع وأعمل على هذه المهنة منذ 5 سنوات". إجادة المهنة: وقال شفيق نور من الجنسية الهندية وصاحب محل لإصلاح الأجهزة الكهربائية:"نحن نجني من خلال عملنا أرباحاً جيدة حيث نقوم بشراء الجهاز وتجديده ويتم إصلاحه في فترة زمنية قصيرة، ولدينا زبائن نكتفي بتعاملهم معنا باستمرار، موضحاً أن العمل في مجال الكهرباء وصيانة الأجهزة ممتع وسهل شريطة أن يجيد الشخص المهنة مما يكسبه الخبرة في مجاله، وأسعارنا معقولة، ولا يهمنا سوى إرضاء الزبون". زيادة وعزوف: وقال الباكستاني محمد نظير :" هذا العمل لكفيلي ونقوم بشراء المكيفات المتعطلة ونصلحها ثم نبيعها والمكسب طيب خاصة خلال هذه الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة مما يزيد من الطلب على المكيفات وإصلاحها وقد شهد السوق فترة عزوف خلال موجات البرد السابقة". بداية الطريق: وفي محل آخر لبيع الأقمشة يقول صاحبه:" مكسبنا مضمون لأن الكل يبحث عن الموديلات الحديثة ونحن نعرض العديد من الموديلات مع بداية ظهورنا حتى لا نفقد زبائننا"، وأضاف:"الشباب السعودي قد لا يرضى بعمل مثل هذا رغم المكاسب الجيدة في مجال بيع الأقمشة". كما دعا صاحب محل للخردوات والأجهزة الإلكترونية وهو علي الحكمي الشباب بسرعة قبول العمل لأن ذلك يعد بداية الطريق لهم. وقال:" بصراحة أتمنى أن يكون معي في العمل شاب سعودي وهو الأحق بالفرصة من الوافد. وهذا واجب علينا." لكنه يستدرك:"للأسف هناك شباب يرفضون العمل في محلات مواجهة الزبائن بدافع الخجل من طبيعة المهنة وهذا ليس فيه عيب أو خجل طالما هو عمل شريف، وقد أثبتت التجارب أن أبرز رجال الاقتصاد اليوم وهم معروفون بدأوا من محلات صغيرة وربما بدون محلات ولكنهم قبلوا التحدي والحياة تحتاج إلى تحد وكفاح وفي ذات الوقت نطالب الجهات ذات العلاقة بالمتابعة اليومية، وعدم تمكين بعض الوافدين من مزاولة بعض الأعمال التي يجب أن يشغلها الشباب السعودي". المردود رائع: أما عبدالعزيز ،يمني الجنسية، صاحب محل تغيير زيوت،فقال في ذات السياق :" أنا سعيد جداً في عملي وأحاول تعليم ابني الأصغر مهنتي ليكسب خبرة خاصة وأن الوسائل الحديثة تساعد على العمل مثل فك الكفرات بجهاز آلي إلى آخره، واعتبر أن المردود المادي رائع ويزداد حسب نوعية الخدمة المقدمة للزبون، معتبراً أن ارتفاع الأسعار مؤخراً ألقى بظلاله حتى على محلات غيار الزيوت فكل شيء ارتفع حتى البطاريات ارتفع سعرها بنسبة 80%. الكلمة الطيبة: وقال صاحب محل قطع غيار:"مهنتي لا تحتاج إلى جهد فمجرد إرضاء الزبون بالكلمة الطيبة وحسن الاستقبال تستطيع أن تكسبه ونحن لا نتجاوز الأسعار المحددة لقطع الغيار وهناك فرق بين الأصلي والمقلد". وقد ناشد الشباب السعودي بعدم التخوف من العمل في المحلات التجارية فهي مكسب لهم واستفادة لا حدود لها لمن يريد أن يؤمن مستقبله. الشباب السعودي سينجح: وفي محل لبيع الخضروات والفواكه يقول البائع نور من الجنسية البنجلاديشية:" إنني منذ سنوات طويلة أعمل لصالح كفيلي في هذا العمل والحمد لله المكاسب كبيرة من بيع الخضروات والفواكه، ونحن نوفر كل طلبات الزبائن" وتساءل: لماذا لا يعمل الشباب السعودي في الأسواق والفرص متوفرة والعمل ليس فيه أي جهد أو تعب، كما أن الإقبال كبير من الزبائن؟، واعتقد أن الشباب السعودي لو اقتحم هذا المجال سينجح، فقط يحتاجون إلى التشجيع والعمل الشريف ليس عيباً، لذا لا نمانع من تشغيل الشباب السعودي معنا ليكتسب خبرة في السوق". ويقول أحمد الغامدي صاحب مؤسسة:"الفرصة بالطبع للشباب السعودي الطموح الذي يسعى إلى تطوير قدراته ويحافظ على الحضور في الوقت المحدد. هناك للأسف نوعية من الشباب يسجل خلال الشهر الواحد غياباً أكثر من الحضور وهذه مشكلة، الالتزام في العمل أهم شيء في القطاع الخاص ومسألة الراتب حسب التأهيل العلمي وما يحمله من تخصصات وصدقني المجال مفتوح للشباب شرط أن يلتزموا بالدوام والقبول بالعمل". ضعف الراتب: أما الشاب علي عسيري فقال:" هناك فرص عمل لكنها لا توازي المجهود الذي يقوم به المتقدم للعمل من دوام على فترتين وإن وجد فترة واحدة فالراتب لايغطي عبء الحياة مع موجة الغلاء وإذا كان الشاب لايملك سيارة لايستطيع الاستمرار في عمل القطاع الخاص الذي يفرض عليه العمل في فترتين صباحية ومسائية". ورفض الاتهام بأن الشباب لا يريدون العمل إلا بمواصفات رئيس قسم. وقال في هذا الخصوص:" هذا كلام نسمعه دائماً في الأماكن العامة نريد أن نعمل لكن وفق ما يحمله كل متقدم للعمل من مؤهلات، هناك للأسف شركات نصدم عندما نجدأن المدير المباشر هو (وافد) لا يمكن أن يقدم ما نطمح إليه ولعل عدم قبول الشباب بعض الأعمال ليس إلا لضعف الراتب وليس كما يقال إننا نبحث عن وظائف على مستوى رئيس قسم". وقال عباللطيف الجهني:"وجود العمالة الوافدة في كل مكان قلصت من فرص العمل حتى حلقة الخضار المتنفس الوحيد لممارسة الشباب بيع الخضار لا تخلو من وجود العمالة الوافدة وبأعداد كبيرة جداً ناهيك عن وجودهم بالعربات في الشوارع والطرقات فكيف نجد فرصة عمل أتمنى من الجهات ذات العلاقة مثل الجوازات أن تقوم بالقبض على أصحاب العربات وأن تقوم بجولات على المحلات التي يشغلها الوافدون لإتاحة الفرصة للشباب للعمل بدلاً من الجلوس أمام التلفاز خاصة وأن الأمانة لاتقوم بجولات والقبض على المخالفين في الأسواق في أي عمل". تخصيص رأسمال: كما قال إبراهيم الشريف:"فرص العمل موجودة في القطاع الخاص لكن المشكلة تكمن في ضعف الراتب، وعدم وجود مواصلات قد يكون عائقاً في الاستمرار في الوظيفة خاصة أن ظروف الحياة أصبحت صعبة بعد موجة الغلاء الحالية التي تتطلب مبالغ مرتفعة لمواجهة غلاء المعيشة ومسألة العمل في الحرف اليدوية تحتاج إلى تخصص في أي مهنة وإلى رأس مال وهناك أماكن يمكن لأي شاب أن يعمل بها مثل حلقة الخضار لكن وجود العمالة الوافدة وبأعداد كبيرة قد لا يفتح المجال أمام الشباب. رواتب الفنادق جيدة: أما سعد الزهراني الذي يعمل في أحد فنادق جدة فقال:" أشعر بارتياح للعمل في القطاع الخاص وأدعو الشباب إلى التحمل في بداية المشوار والرواتب في الفنادق جيدة جداً وتحتاج للشباب الطموح وأحرص دائماً على دعوة زملائي في العمل من أجل تشجيعهم والقبول بالعمل بدلاً من الاعتماد على الأهل والجلوس في المنزل ،وإلى متى؟ لا بد للشخص أن يعتمد على نفسه وهذا هو ديدن الحياة بدلاً من انتظار الوظيفة التي يحلم بها وقد يفوته القطار وهو يترقب أمل السراب". ويقول مسعد إبراهيم:"لجأت إلى بيع الشاي على الجمر من أجل الحصول على مصاريفي وأعباء الحياة ولازلت أبحث عن فرصة عمل أخرى يكون الدخل فيها يكفي الالتزامات التي تواجهنا وأطلب من الجهات المختصة أن تسهم في ايجاد الفرص للشباب بابعاد الوافدين المخالفين خاصة في حلقة الخضار".