اكثر من مائة الف مبتعث ومرافق سعودي يعيشون في الولاياتالامريكيةالمتحدة موزعين على كافة الولايات والمدن , منهم من قضى سنوات عدة ومنهم من هو في سنته الاولى , وهاهو شهر الصوم والخير رمضان يدخل عليهم وسط تضارب في المشاعر والاحاسيس , منهم من هو سعيد بالصوم هنا ومنهم من لم يستطع التاقلم في هذا اشهر وهناك مجموعة فضلت ان تعود لارض الوطن لصوم شهر رمضان في المملكة ووسط العائلة والاصدقاء، في جولة سريعة لنا على عدد من المبتعثين في عدد من الولايات التقيناهم وتحدثنا اليهم للنقل مشاعرهم في هذا الشهر الفضيل , خصوصا مع الاختلاف الكلي للعادات والتقاليد وغياب اي مظاهر لروحانية هذا الشهر في بلاد العم سام.وجدنا في عدد من المدن من يعيش اجواء رمضان بكامل تفاصيلها خصوصا مع وجود جاليات اسلامية ومطاعم عربية حيث يسهل الحصول على مستلزمات وحاجيات رمضان. وفي مناطق اخرى كان التذمر سمة الطلبة السعوديين الذين لا يجدون مايحتاجونه , فيمر عليهم شهر رمضان كبقية الشهور الاخرى , البعض اكد صعوبة معاشرة اناس يمارسون الاكل والشرب في الجامعات دون ان يدركوا ان ذلك قد يسبب الاذى للبعض , كما ان هناك فئة اكدت افتقادها لسماع صوت الاذان ومدفع رمضان . نعيش رمضان رغم اختلاف التفاصيل عبدالله الحربي مبتعث في ولاية فلوريدا يقول ان هناك العديد من المصاعب التي تواجه المبتعثين خلال هذا الشهر لكنها بشكل عام مصاعب يمكن التغلب عليها , فهي لا تشكل مشكلة كبيرة كون المبتعث بامكانه ان يؤدي مناسكه دون ان يزعجه احد , لكن مانفتقده هنا فقط هي الاجواء الرمضانية والاسرية الجميلة التي كنا نعيشها في مملكتنا الحبيبة . علي الغامدي مبتعث في مجال الحاسب يقول انه يستمتع جدا بأجواء رمضان في الولاياتالمتحدة فهو يقوم بكل شي داخل منزله من طبخ واعداد للفطور والسحور , كما انه يقوم بدعوة بعض اصدقائه المبتعثين لمشاركته الطعام , وفي المساءات الرمضانية يفضل ان يقضيها في المقاهي العربية التي يلتقي فيها الاشقاء العرب والمسلمين لتبادل الحديث . راجح الشهري مبتعث في ولاية اوهايو الامركية له وجهة نظر مختلفة تماما فهو يقول ان الصوم في رمضان بالنسبة له تجربة جيدة ومفيدة علمته امران اولهما الاعتماد على النفس , وثانيهما بثت فيه روح المشاركة , فهو يتناول طعام الافطار يوميا في مسجد المدينة التي يسكنها , وفيها يجتمع العديد من المسلمين من مختلف الجنسيات , وهو امر رائع حيث يتبادلون الحديث والذكر في اجواء اخوية ممتازة . وعن السلبيات التي يواجهها اثناء صومه قال الشهري ان الطلبة السعوديين مطالبين بالذهاب لجامعاتهم وللمذاكرة في رمضان مما يجعلهم دائما مشغولين وبالتالي لا يجدون وقتا لقراءات القرآن , مضيفا انه يفتقد لطبخ والدته في هذه مثل الايام . الراوي العنزي مبتعث وترافقه اسرته يقول عن صيام رمضان في الولايا المتحدة بأنه يختلف اختلافا كليا عن صيام رمضان في المملكة , فرغم وجوده مع اسرته الا انه يفتقد للمظاهر الرمضانية والاجواء التي يعيشها في المملكة سواءا في المنزل او الشارع , ومع ذلك فإن السعوديين في الولاياتالمتحدة لا يجدوا صعوبة في التأقلم على صيام رمضان كون وجود المطاعم العربية المنتشرة والمساجد والجالية الاسلامية تجعل الامر اقل صعوبة . معاناة من نوع اخر ويقول محمد ابو ساق وهو مبتعث في ولاية نورث كارولينا ان الصوم في الولاياتالمتحدة يعد من الامور التي لا يفضلها ولكن ما باليد حيله , فهو يفتقد لأسرته واقاربه واصدقائه والاجواء الجميلة والعادات الحسنة في رمضان في المملكة , وقال ان الصوم في الولاياتالمتحدة يفتقد أجواء الصوم , فهو صوم بلا روحانية - كما يقول - , مضيفا ان هذا هو رمضان الثاني له في الولاياتالمتحدة ومع هذا لم يستطع ان يشعر بروحانية رمضان التي يعيشها المسلمون في بلاد الاسلام . ويوافقه عبدالعزيز الشهراني الرأي ويقول ان اصعب مايواجه الطلبة المبتعثين هي افتقادهم للأجواء الرمضانية لكنه يضيف ان الطلبة المبتعثين الذين يعيشون مع اسرهم لا يواجهون مايوجهه الطلبة العزاب حيث يعانون من افتقادهم للأكلات الرمضانية المعروفة , حيث يعانون صعوبة في اجادها . ويقول انهم تعلموا الطبخ واعداد الطعام لكن معظمهم لا يجيد عمل الاطباق الرمضانية وهنا تكمن المشكلة فيلجأون للمطاعم , وكونه يسكن في مدينة لا يوجد بها مطاعم عربية فهو مضطر لتناول المأكولات السريعة الامريكية لوجبتي الافطار والسحور في رمضان . هيفاء الشهري مبتعثة لا زالت في مرحلة اللغة ويرافقها زوجها وابنها تقول ان صيام رمضان في الولاياتالمتحدة متعب جسديا ونفسيا , حيث نعاني من الذهاب للمعهد كل صباح ومطلوب منا ان نعود لتجهيز الافطار في ظل عدم توفر كل مانريده في الاسواق , فنضطر لإعداد وتجهيز كل شيء بانفسنا , وفي ذلك مشقة كبيرة خصوصا على الطالبات . يقول سعد الغامدي من مدينة تشارلوت في نورث كارلوينا ان طول النهار هو اكثر ما يزعج الطلبة في الولاياتالمتحدة حيث تتجاوز ساعات الصيام الستة عشر ساعة , ودرجات الحرارة تعتبر عالية في بعض الولايات وهذا امر يسبب لهم التعب والمعاناة , لكنه يضيف ان تواجد الاصدقاء والطلبة المبتعثين جنبا الى جنب جعلهم يعيشون اجواء رمضانية جميلة حيث يقوم كل طالب باعداد مايعرفه من الطعام ويلتقون في منزل احدهم لتناول الطعام ومشاهدة التلفزيون واحيانا للعب البلايستيشن في ليلالي رمضان . احمد التهامي مبتعث هو وزوجته ايضا ويقصدون نفس المعهد لدراسة اللغة , يقول التهامي ان الصوم في الولاياتالمتحدة معاناة كبرى , وكان يفضل العودة لأرض الوطن لكنه لم يتمكن نظرا لنظام الدراسة في المعهد .يقول ايضا ان ساعات الدوام وطبيعة شهر رمضان لا يمكن ان تجتمعا فالسهر في ليالي رمضان عادة عند كافة المسلمين وبالتالي يجد صعوبة في النهوض مبكرا حيث يضطر للذهاب الساعة الثامنة والنصف للمعهد بصحبته زوجته التي بدورها تجد صعوبة في اعداد الطعام بعد العودة للمنزل .ويضيف التهامي : حرمنا من التجمعات الاسرية التي كنا نفعلها في المدينةالمنورة في كل وجبة افطار وسحور , وكذلك عدم سماع الاذان في صلاتي المغرب والفجر يجعلنا نشعر بحزن كبير . المطاعم العربية تستقطب المبتعثين توجهنا الى مطعم ومقهى الرويال وهم مطعم يقدم المأكولات العربية حيث شاهدنا عدد كبير من الطلبة السعوديين يتناول طعام افطارهم فيه , التقينا صاحب المطعم ويدعى رابح مختار الشهير ب ( ابو المجد ) وهم فلسطيني الجنسية وسألناه عن اقبال الطلبة السعوديين على مطعمه , فقال ان السعوديين يشكلون نسبة كبيرة من زبائنه خصوصا في رمضان حيث يحرص السعوديون على القدوم الى المطعم في وقت مبكر ويقوموا بحجز عدد من الطاولات , حيث تعودت منهم ان يأتوا في جماعات في اغلب الاوقات , فهو يتناول طعام الافطار بشكل دائم في مطعمه ويقضون ليالي هذا الشهر الفضيل في المقهى لتناول الشيشة ولعب ورق البلوت وتدخين الارجيلة .ويضيف ابو المجد منذ سنوات والسعوديون محل ترحيب هنا في المطاعم العربية كون الغالبية منهم جاء وحيدا لاستكمال دراسته ومن الصعب عليهم اعداد الافطار في المنازل مع التزامهم بدوام في المعاهد والجامعات لذا فهو يحرصون على القدوم للمطاعم العربية حيث يجدون جميع مايشتهون , فنحن نقدم كافة الاطباق التي يبحث عنها السعوديون من السامبوسك والشربة والارز والدجاج والحلويات الشرقية كالكنافة والبقلاوة والقطائف . ويضيف : طوال وجودي في الولاياتالمتحدة لم اجد احرص من السعوديين على تأدية فرائضهم من صلاة وصوم والتزام بتعاليم الدين الاسلامي , ففي رمضان اشاهدهم يحرصون على الصيام والصلاة في مساجد المدينة ويقضون الليالي في الحديث والسمر بعيدا عن الاماكن المشبوهة وغير الآمنه . العودة للسعودية هو الحل واخيرا هناك فئة اكدت انها لن تتمكن من الصيام في الولاياتالمتحدة ففضلت العودة قبل دخول هذا الشهر و منهم جرب صيام رمضان في السنوات الماضية ولكنه قرر ان لا يكرر هذه التجربة مرة اخرى , حيث يصعب على البعض تقبل صوم رمضان في بلد كالولاياتالمتحدة والذهاب للجامعة ومجالسة اناس لا يصومون , فهي بالنسبة لهم مشقة كبيرة .البعض ارجع سبب عودته لاختلف العادات والتقاليد وصعوبة تأمين حاجيات رمضان التي تعودوا عليها , يقول فيحان الزهراني وهو مبتعث في سنتة الاخيرة في ولاية فلوريدا انه جرب الصيام في السنوات الماضية وكانت الامور تسير طبيعية لكن لم يكن هناك تلك الاجواء التي كان يشعر بها اثناء صيامه في المملكة , ولهذا قرر ان يعود لقضاء شهر الصيام بين اسرته في مدينة جدة .