من هذا – الشباك – الذي نطل منه على ذكريات مضت وقد حرصت على أن تكون لأناس قد كانت لي معهم مواقف مباشرة لا عن شخصيات لها مكانتها الفكرية والأدبية ولكن لا يوجد لهم مواقف معي شخصياً، لهذا أسجل اعتذاري إن أنا لم أذكرهم.ثانياً هذه الذكريات - عن الذين رحلوا إلى بارئهم وليس عن من يعيشون معنا متعهم الله بالصحة والعافية وطولة العمر. تعطيك طلعته التي لا تخطئها العين صورة واضحة لأولئك الرجال "المترفين" الذين يعيشون في ما يسمى "السرايا" على أيام "العثمانيين" بكل تقاليدهم، وبكل سمتهم، وبكل خصائصهم.. كان رجلاً له "بروتوكوله" المميز فهو يمتاز بلباسه الفريد حيث يحرص على ذلك "الجاكيت" من ذات لون الثوب، وذلك المشلح المهفهف، وبذلك العقال العامر على رأسه اللامع بقصبه الآخذ للنظر.كان من أشد الناس حرصاً على – النظام – والتنظيم عنده له اهميته القصوى له مراقه الخاص في الأشياء.كان كارهاً – لركوب – الطائرات مهما كانت وجهة السفر التي يذهب إليها.. فهو يفضل "السيارة" في سفرياته أو في بعض الأحيان النادرة الباخرة.. كان يقطع المسافة بين المدينةالمنورة والاردن بسيارته رغم بعد المسافة إلا أنه يستلذ بها.. وعند الحدود يقام له استقبال ملفت يحرص عليه المسؤولون في الأردن بكل عناية، ومن ثم يذهب الى لبنان لقضاء فترة الصيف هناك. كان له مكانه المعروف في سيارته حيث يفضل المقعد الخلفي دائماً، وعلى يمين السائق على الدوام وله في ذلك حكمة لا يقولها دائماً.. كان بهياً في طلعته، كريماً في خلقه، نظيفاً في يده، عفيفاً في لفظه، حيياً في نظراته.. له تميزه في حضوره، وفي مجلسه مما زاد من التفاف الناس حوله، وأكسبه تقديرهم ومحبتهم. عندما يتحدث لا تسمع له ضجيجاً، كان هامساً أكثر منه متكلماً.. يعطيك انطباعاً بأنك لم تحصل على جزء بسيط من – الخلق – الحميد عندما تتعامل معه، ويتعامل معك بتلك الأخلاق السامية.. التي تغمرك حتى الثمالة. ذات يوم وكان يستقبل بعض أصدقائه في بستانه الواقع في منطقة – الجرف – بالمدينةالمنورة، وكان يومها يتابع صحة أحد – المرضى – الذي عرف عن حالته الصحية بالصدفة. فلم يهدأ له بال حتى أطمأن على حالته مع أنه لا يعرفه تلك المعرفة العميقة. سأله أحدهم وهو يرى اهتمامه بذلك المريض هل هو من الأهل أو تعرفه؟ نظر إليه نظرة ذات معنى وهو يقول له إنه "أخي". فزع السائل قائلاً أخوك "يابيك"، وكان يحلو له أن يناديه بها. نعم إنه أخي في الإسلام. هكذا كان يتعامل مع الآخرين. كان الشيخ ابراهيم شاكر واحداً مهم من أولئك الرجال الذين سطروا حياتهم بالخلق والأخلاق والتسامح والسماح النفسي .. يقول عنه أحد المقربين منه:كان له حضوره الواضح سواء في العهد العثماني أو عهد الأشراف، وكان أحد رجال الأعمال والوجهاء في العهد السعودي حيث نشط في بعض أنواع الأعمال التجارية، وكان له كثير من النشاط الإنساني المعروف والمعلوم وغير المعلوم في أكثره.ذات يوم وكنا في مجلسه أمام بركة الماء في بستانه كنت استمع إليه وهو يقول لمحدثه الغاضب من تصرف آخر معه.. اسمع يا أخي لا شيء يستحق الخلاف عليه مهما كان كبيراً.فالدنيا أن كست أوكست.. فكل شيء إلى زوال ..رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.