وجدت دراسة حديثة أجريت على مرضى الأورام من فنلندا والسويد، أنه لا يوجد ثمة صلة أو رابط بين معدلات الشفاء والحالة النفسية للمرضى سلباً أو إيجاباً، وكانت النتائج التي نشرت في المجلة الأمريكية لعلم الأوبئة مبنية على 4600 حالة إصابة بالسرطان، تم تتبعها من قبل المشرفين على الدراسة. وفي نفس السياق، أشار تحليل لبحث أجري من قبل مختصين في علم النفس، إلى أنه لا توجد دراسات موثوقة تبين أن ارتفاع المعنويات له تأثير واضح الدلالة على الصحة العامة. فقد بينت إحدى الدراسات أن الحس الوجداني لدى مرضى السرطان لا يترك أي أثر عليهم طوال فترات علاجهم، وهذا ما دفع الباحثين البريطانيين والأطباء للإعراب عن مخاوفهم أن يكون لنصائح المدربين الأميركيين المتخصصين في أنماط الحياة المتعلقة بالإيجابية وطول العمر الضرر البالغ. كما أشار بعض المختصين من وحدة معالجة السرطان في مستشفى لندن إلى أن الكثيرين يحثون المرضى على التحلي بروح إيجابية، وهو ما من شأنه زيادة الضغط والعبء الملقى على عاتقهم ولا يساعدهم على الشفاء في نهاية المطاف، في حين أنهم يحتاجون إلى الواقعية والاستعداد لبعض الصدمات العاطفية بما يخدم رحلة العلاج. ويرى المرضى أن الحفاظ على نمط التفكير الإيجابي يعد أمراً صعباً وشاقاً لاسيما أمام الأصدقاء وأفراد العائلة، كما أن الحفاظ على المعنويات العالية أصعب من التعامل مع الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي ومرض السرطان بحد ذاته. ولابد من الإشارة إلى أن الأمور تكون أكثر تدهوراً عندما يتوقع المريض أن تحسن الأفكار الإيجابية من حالته الصحية، حيث تبين أن إحدى الحالات كانت تأخذ العلاج بانتظام وتنفس عن المشاعر السامة وتسامح الجميع، واتبعت أسلوب التأمل والأنظمة الغذائية الصحية والبرنامج الرياضي باستمرار، غير أن حالتها استمرت في التراجع. بيد أن المتخصصة في مجال المساعدة الذاتية لويز هاي أشارت في كتابها الذي يتحدث عن الكيفية التي يستطيع بها الشخص مداواة نفسه، إلى أن العلم يؤكد حالياً على فكرة أن الانغماس في الأفكار السلبية يقتلنا ويزيد من أوجاعنا. ولعل المشكلة تكمن في تناقض نتائج الدراسات والأبحاث، إذ تشير بعض الدراسات إلى أن المواقف الإيجابية تجعل بعض الأشخاص أكثر قدرة على التعايش مع المرض وتسرع من عملية الشفاء، وفي هذه الحالة يساعد الاسترخاء والدعم العاطفي في واقع الأمر الأشخاص الذين يعانون من أمراض مهددة للحياة على المضي قدماً والتسليم بالأقدار والمكتوب.