الاكتئاب النفسي هو أحد الأمراض المنتشرة في عصرنا الحالي ويتزايد انتشاره في كل أنحاء العالم، فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أن نسبة 3 %-5% من سكان العالم يعانون من الاكتئاب أي ما يزيد على 300مليون إنسان، ومن الغريب أيضاً ما تؤكده الإحصائيات من أن المرأة أكثر إصابة بالاكتئاب من الرجل بمعدل(3-1) وفيما يلي سوف نحاول إلقاء الضوء على هذا الارتباط بين المرأة والاكتئاب. فهناك اتفاق بين الأبحاث التي أجريت في هذا الشأن على أن معدل الاكتئاب في المرأة ضعف معدله في الرجل، وكان هناك اعتقاد في الماضي بأن هذه النتائج ربما تكون خادعة حيث إن المرأة أكثر تعبيراً عن حالتها الوجدانية من الرجل وأكثر قبولاً للمساعدة الطبية النفسية ولذلك يظهر اكتئابها في حين لا يظهر بسهولة اكتئاب الرجل، ولكن الأبحاث المنضبطة أثبتت أن هناك زيادة حقيقية لا تقبل الشك فى معدل الاكتئاب لدى المرأة, لأنها لها تكوينها النفسي المتميز وطبيعة خاصة لشخصيتها ودورها ولديها- علاوة على ذلك- من الخيرات والمواقف ما هو خاص بها دون الرجال فهي تختلف عنهم في حالة الصحة وفي حالة المرض أيضاً. فالتكوين العاطفي للمرأة مختلف, فليس هناك شك أن المرأة بفطرتها ذات مشاعر حية وجياشة، وقد خلقها الله تعالى هكذا لتواكب وظيفتها كزوجة ووظيفتها كأم، تلك الوظائف التي تحتاج إلى تواصل وجداني كبير وبدون هذا التواصل تضطرب الأسرة وتتفكك عراها, كما أن المرأة دائماً متعلقة بغيرها (والرجل كذلك ولكن مع الفارق في الدرجة والأهمية)، فهي تتعلق بشدة بأمها وأبيها وأخواتها ثم بعد ذلك بزوجها وأبنائها وأحفادها، وهى تندمج بقوة في هذه العلاقات أكثر من الرجل وتصبح جزءاً مهماً من حياتها وبالتالي حين تفقد أياً من هذه العلاقات فإنها تصاب بالحزن والأسى وربما تصل لدرجة الاكتئاب. وقد كشفت دراسة حديثة النقاب عن أن 10 % فقط من النساء المتزوجات يعانين من الاكتئاب بعد الولادة مقارنة ب20 % من النساء المرتبطات بعلاقات عاطفية و35% من النساء غير المتزوجات أصبن بعوارض الاكتئاب, وأشارت الدراسة إلى أن النساء اللاتي ارتبطن بعلاقات عاطفية فقط دون زواج كن أكثر عرضة للمعاناة الداخلية وتعاطي المخدرات والعنف المنزلي، بينما كانت المتزوجات أقل عرضة لوطأة الاكتئاب والتوتر، حيث إن الأثر الإيجابي للزواج استمر بشكل جيد لسنوات طويلة, ووجد الباحثون من خلال دراسة حول مخاطر وفوائد الزواج وشملت حوالي 6 آلاف سيدة أن النساء الحوامل أقل عرضة للمعاناة من اكتئاب ما بعد الولادة من هؤلاء النسوة اللاتي مكثن فقط مع نصفهن الآخر. وقال الدكتور مارسيلو يرقيوا قائد الدراسة بجامعة تورنتو الأمريكية إننا لم نشهد هذا النمط من الإصابة بالاكتئاب بين النساء المتزوجات اللاتي تعرضن لمشاكل نفسية واجتماعية أقل، بغض النظر عن طول الفترة الزمنية التي عاشوها جنباً إلى جنب مع أزواجهم. وأظهرت الدراسة التي نشرت في الدورية الأمريكية للصحة العامة أن 6.1 % من النساء المتزوجات يعانين من الاكتئاب بعد الولادة وارتفع هذا الرقم إلى 20 % بالنسبة لمعاناة النساء من الاكتئاب في علاقات خارج إطار الزواج و 35 % للنساء العازبات والأهم أن النسبة ارتفعت إلى 67 % للنساء المنفصلات والمطلقات في السنة السابقة من ولادة طفل.