ليست ظاهرة جديدة ولكنها مشكلة مزمنة تحاول وزارة التربية والتعليم القضاء عليها، ورغم كل المحاولات التي قامت بها للتحقق من مدى تطبيق خطتها للقضاء على هذه الظاهرة إلا أن الغياب متواصل بشكل لافت. والغياب ثقافة غريبة يعيشها المجتمع من خلال الطلاب والطالبات في مدارس التعليم العام، حيث تزداد نسبة الغياب قبل الأسبوعين الأول والأخير من كل فصل دراسي، وحتى قبل أو بعد إجازة العيدين عيد الفطر، وعيد الأضحى بما في ذلك إجازة اليوم الوطني، فتجد الغياب قبله أو بعده الأمر الذي تخلو معه الفصول من طلابها رغم التحذيرات المتكررة من قبل الجهات المسؤولة. ويرجع البعض السبب إلى الثقافة السائدة لدى بعض أولياء الأمور بعدم أهمية الدوام في الأيام الأخيرة التي تسبق أي إجازة والأيام التي تليها، الأمر الذي ساهم في زيادة نسبة الغياب، كما يرى البعض أن أحد أسباب تفاقم المشكلة أن المدارس تتجاهل رفع تقارير تتضمن واقع الغياب في المدارس خوفاً من المساءلة، مؤكدين أن نسب الغياب وصلت إلى 40% في بعض المدارس. ورغم محاولة إدارات المدارس التشديد على الطلاب والطالبات بالحضور، والتنبيه بأنه سيتم الخصم من درجاتهم من غير عذر في الأيام التي تسبق وتعقب الإجازات، إلا أن ثقافة الغياب الجماعي أصبحت هي السائدة قبل وبعد الإجازات الرسمية. كما أن للأسرة دوراً مهماً في التأثير على أبنائهم وبناتهم، وحثهم على الحضور للدراسة من اليوم الأول للدراسة بعد العودة من الإجازة، لذلك لابد من وجود آليات للحد من هذا الغياب الذي يؤثر على المسيرة التعليمية في المدارس وفرض عقوبات رادعة للغياب بدون عذر قبل الإجازة والأيام الأولى للعودة إلى المدارس. وتجعل نسبة الغياب الكبيرة التي تشهدها الكثير من المدارس في الآونة الأخيرة أعضاء هيئة التدريس في هذه المدارس يتقاعسون عن الحضور المبكر للمدارس لأداء رسالتهم التربوية والتعليمية نظير ذلك الغياب المتكرر الكبير، ومن غير المبرر من قبل الكثير من طلاب وطالبات تلك المدارس الذين أصبح همهم وتفكيرهم في الإجازات المتخذة من قبلهم دون مبالاة بمصير مستقبلهم الدراسي، أو بالعقوبات التي تصدر بحقهم. وقد قامت العديد من الدراسات ببحث هذه الحالة وطرحت العديد من الأسئلة في محاولة لإيجاد حل أهمها هل ثقافة الغياب تقاعس، أم كسل، أو لا مبالاة من الطلاب والطالبات؟ وهل العقوبات المعممة على المدارس من خلال تلك التعاميم المرسلة للمدارس مطبقة وتجد صداها؟ وهل هناك زيارات إشرافية من قبل مشرفي الإدارة المدرسية لكافة المدارس من أجل الوقوف على الحضور الطلابي؟ وهل هناك أنشطة طلابية تجعل الطلاب والطالبات يحرصون على الحضور للمدارس في هذه الأوقات؟ وأين دور أولياء أمور الطلاب في التصدي لمثل هذه الظاهرة الخطيرة والمتفشية والتي لا يمكن لمجتمعنا أن ينكرها؟ وهل تدرك كل الأطراف أبعاد المشكلة وما يساهم به غياب الطالب في فقدان فرص التفوق والنجاح في بعض الأحيان بالإضافة إلى ما يفقده من علاقات مع زملائه ومدرسيه وفقدان الثقة والصلات الاجتماعية والتربوية القائمة بين المدرسة كمؤسسة تعليمية وتربوية. والجدير بالذكر أن هناك برامج جديدة قد تعمل على الحد من هذه الظاهرة، حيث بدأت إدارة التوجيه والإرشاد بتعليم جدة في تطبيق واحد من أهم البرامج الإرشادية التي تسهم في الحد من حالات الغياب بين الطلاب والطالبات، ويهدف المشروع إلى خفض نسبه الغياب ما قبل الاختبارات وقبل الإجازات بشكل تدريجي، وقد انطلقت فعاليات المشروع من خلال تكثيف برامج التوعية والتثقيف حول أهمية الانتظام الدراسي في نجاح العملية التعليمية. كما أن تعليم الشرقية تحاول التواصل مع أولياء الأمور برسائل نصيه لمنع الغياب، وأكدت على ضرورة العمل بالخطة الإجرائية التي تحد من هذه الظاهرة التي تؤرق المدارس، وإشعار ولي الأمر بأهمية حضور الطلاب بخطاب وتأكيده برسالة نصية تتضمن تبعات عدم حضور ابنه بتطبيق لائحة السلوك والمواظبة.