لا تخلو حياة كل منا من المشاكل والمواقف التي نتعرض لها مع الآخرين، سواء كان هناك سوء فهم وكانت الأمور ملتبسة علينا أم كنا نفهم الأمور على حقيقتها. وفي هذا الأمر ينقسم الناس إلى قسمين فهناك من يرى أن أفضل طريقة هي مواجهة الآخرين، وهذا النوع يفضل مواجهة الآخرين وإيضاح الأمور ومناقشتها ويتساءلون عن سبب تجنب المواجهة طالما أنهم لم يخطئوا، أو يتصرفوا بشكل غير مقبول، ولا يعيبهم عدم السكوت على حقهم أو على موقف لم يرضيهم، ويرون أن من لا يرغب في المواجهة فليتجنب هو ذلك وليس هم. وهناك من يفضل الصمت أو الهروب من المواجهة ويرى فيه الحل الأمثل والخيار الأفضل، ويرى أن الحكمة القائلة ندمت على السكوت مرة وندمت على الكلام مراراً حكمة ذهبية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هو هل هذا الأسلوب والتزام الصمت هو الوسيلة الصحيحة لمواجهة كافة المواقف، وهل هو الأسلوب الأمثل للتعامل مع مختلف نوعيات البشر؟ وبين هذا وذاك يكون خير الأمور الوسط ذلك لأنه في بعض الحالات يكون المتضرر الوحيد هو الذي يقرر المواجهة، حيث إن مواجهة كل أمر وكل شخص يتم التعامل معه أمر متعب ومرهق، فكل الأمور في أوسطها معتدلة ومقبولة، فلا تكون المواجهة على كل كبيرة وصغيرة، وهذا لا يعني بالمقابل الصمت أمام كل المواقف، ولكن الحياة تحتاج إلى بعض المرونة مع الآخرين حتى تسير المركب بدون مشاكل. وأصحاب تلك النظرية يواجهون إذا أرادوا شرح موقفهم أو استيضاح مواقف الآخرين، ويناقشون إن كان دفاعاً عن وجهة نظر، أو مبدأ يقتنع هو به، وليس لأجل المواجهة بحد ذاتها، ولكن مع ذلك يجب مراعاة من يتم مواجهته ومتى يواجهه. وعند مواجهتك للأشخاص عليك أن تعرف أن البشر أنواع ثلاثة: - فهناك من الناس من يظنك تصمت عن ضعف فيتمادى في أفعاله، وهذا النوع يجب أن يتم إيقافه عند حدّه وقد تكون كلمة واحدة تكفيه ليلزم حدوده. - وهناك نوع آخر لا ينفع معه إلا الصمت لفرط جهله ورعونته وبالتالي عدم أهميته، فالأفضل للإنسان أن يتجاهله بقدر ما يستطيع مادام كلامه لا طائل ولا هدف من ورائه. - وهناك نوع يكون صمتك عنه وسكوتك على أخطائه في حقك أقسى من أي ردة فعل أخرى وأشد عقوبة تؤثر به، وهذا هو الإنسان المحترم. وفي جميع الأحوال لا يمكننا إنكار أن التمادي في الجدال والخصام فيه فتح لأبواب الشر والقطيعة بين الناس، لذلك في المواقف الصعبة عليك أن تفهم سلوك الآخر، وأن تركز على المشكلة وليس الشخص، كما أنه لا يجب أن تجعل حالتك المزاجية تتحكم بك وتسيطر عليك، حيث عليك بأن تحافظ على هدوئك، ولا توجه اتهامات، وتنصت جيداً، وأن تكون صارماً في تقرير سلوكك ولا تنجرف مع مزاج الآخر، وتأكد أنه سواء رضي الناس عندما تكون مؤمناً بنفسك وبقدرتك على التعامل مع الآخرين تجد كل الاحترام والتقدير منهم.