أنا فتاة ابلغ من العمر ثلاثين عاما لي ثلاثة أطفال مشكلتي مع زوجي أخذت تلوح في الأفق بعد وفاة والدي يرحمه الله ذلك لأن زوجي كان يحسب لأبي الف حساب وكثيرا ما كنت اسمعه يحثه على الرفق واللين ويقول له ان المرأة بحكم خلقتها مخلوق ضعيف فلا تقس عليها ويقول له ايضا لا تقس على اخواتك فهن يتامى وبحاجة لعطفك وحنانك لا الى قسوتك، ولذلك كان لا يتجرأ على ضربي وسرعان ما تبدل الحال بعد وفاة أبي وأصبحت بعدها اتعرض للضرب والصفع على الخدين والاهانة لأتفه الأسباب. فهل أطلب الطلاق على حساب مستقبل أولادي أم أرضى بالذل والهوان وهل من نصيحة توقظ احساس زوجي وتبصره بخطئه؟ أم هتان جدة الضرب المبرح اعتداء صارخ على المرأة لا شك ان تعامل زوجك بمثل هذه الفظاظة انما هو تعبير عن وحشية في قلبه ذلك لأن تماديه بمثل هذا الضرب المبرح يعتبر اعتداء سافرا على حقوقك الزوجية وعدوانا صارخا على كرامتك الانسانية ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اهانة الزوجة والتعرض لها بالضرب، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في معرض النهي عن ضرب الزوجات: (لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت). وقد خص الرسول الكريم الوجه بالذكر لأنه مجمع المحاسن ومرآة الجمال ومفتاح الحياة الزوجية ولأنه من حق المرأة ألا تهان فيه ومن واجب الزوج ان يحترم هذه النفحة الجمالية بعيدا عن الاهانة والتشويه لأن الحفاظ على الوجه حفاظ على الصورة الجميلة الرائعة التي أبدعها الرحمن والتي تطالع الرجل برونقها وبهائها وبفتنتها وسحرها حين يصحو وبإشراقها وملاحتها حين يعود من عمله ولذلك يجب ان اقف مع هذا الزوج هذه الوقفة الموضوعية. وأقول لهذا الزوج يجب ان تعلم يا بني علم اليقين ان العلاقة بين الزوجين تنتنظم في الاسلام وفق نظام مميز وهذا التميز يرجع الى كونها اهم وحدة بنائية في المجتمع المسلم لها ابلغ الأثر في البناء الاجتماعي ولذلك خصت بعناية كبيرة لأن الاسلام لا ينتظر حتى انهيار الحياة الزوجية بل يسارع الى اتخاذ الاجراءات التدريجية منذ الوهلة الأولى بهدف اصلاح الشأن وجمع الشمل وهذه الاجراءات ليست لاهانة المرأة وانما هي لمواجهة بوادر انشقاق وقضاء على أي انحراف قد يؤدي الى انهيار العلاقة الزوجية. وأود أن اسأل هذا الزوج وغيره: هل من شهامة الرجولة ان يقدم الواحد فينا الى ضرب زوجته او اهانتها كلما اخطأت؟! لا شك ان مثل هذه العقوبة لا تستحقها الا المرأة الناشز التي لم يصلح معها الوعظ والهجر. ولابد ان يعلم كل الازواج سيما العتاة منهم ان نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم نهى عن ضرب النساء إلا في الضرورة القصوى وذلك تحقيقا للمعاشرة بالمعروف غير ان بعضا من الرجال في عهد النبوة أساءوا استعمال هذه الرخصة فشكت النساء الى النبي صلى الله عليه وسلم فبين لهن أن الذين يضربونهن ليسوا من خيار المسلمين فكأنه يريد منهم صلى الله عليه وسلم عدم الضرب إلا عند الضرورة الملحة. وفي الحديث (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما...) حدود الضرب ولابد ان اقرر هنا ان الضرب الذي اجازه الاسلام يجب ان يكون خفيفا لا يكسر عظما ولا يشوه خلقا وان يكون مفرقا لا مجتمعا يحصل بشيء خفيف كمسواك صغير أو عود أو منديل ملفوف أو قلم رصاص ذلك لأن المراد الايلام المعنوي وليس الايلام الجسدي بدليل قوله صلى الله عليه وسلم (واضربوهن ضربا غير مبرح). يدل على ذلك الحديث لقيط بن صبرة (ولا تضرب ضعينتك ضربك لأمتك) وحديث عبدالله بن زمعة: (يعمد أحدكم فيجلد امرأته جلد العبد فلعله يضاجعها من آخر يومه) وهو ما يفيده قوله (ولا تقبح). لأنه لو تعدى في ضربها فتلف عضو من اعضائها فعليه الضمان ويكون آثما.