تصوير - ابراهيم بركات .. استضاف منتدى الروضة بجدة أصغر قارئ للقرآن في العالم، وعلى مدى ثلاث ساعات تحدث والد الطفل "تبارك" عن تجربة ابنه اللافتة، بحضور صاحب المنتدى الدكتور "واصف كابلي" والمهندس عبدالعزيز حنفي مدير جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة والدكتور الشيخ احمد المعبي والاستاذ جميل ميرزا والدكتور حسن حجرة وعدد من اعضاء المنتدى وحشد من الاطفال الذين تحلقوا حول القارئ الصغير.. "البلاد" عاشت جلسة المنتدى التي روى فيها والد "تبارك" قصة حفظه لكتاب الله من بدايتها الى نهايتها. بيت دعوي بداية تحدث كامل اللبودي والد اصغر حافظ للقرآن بالعالم الطفل "تبارك" فقال: أنا محاضر في كلية البترجي الطبية بجدة، ولدي بالاضافة الى الدراسات الطبية، تخصص في الدراسات الاسلامية، وأنا واخوتي نعمل في الدعوة الى الله تحت اشراف والدي في المسجد الذي بناه والدي في طنطا بمحافظة الغربية بمصر ولم احفظ القرآن وأنا صغير وانما بعد ان كبرت حيث قمت بعد زواجي بالمجيء الى للمملكة للعمل وبالتالي اعددت مع زوجتي برنامجا منظما وعلميا لحفظ كتاب الله تعالى، الى ان رزقني الله تعالى نعمة حفظ كتابه العزيز. سن مبكرة وعن قصة بداية ابنه البكر "تبارك" اصغر حافظ للقرآن الكريم في العالم قال: إن "تبارك" يمضي الآن في نهاية السنة السادسة من عمره ولم يصل الى سن السابعة وكانت نقطة البداية عندما كنا في احدى الجلسات وكان عمره سنتان ونصف السنة وقام الاطفال ينشدون نشيدا ما عدا "تبارك" الذي لم يشارك اقرانه حينذاك نشيدهم لكن وهذا من اللافت انه بعد ستة اشهر من تلك الحادثة وجدته ينشد امامي ذلك النشيد الذي لم يؤده مع اقرانه قبل ستة اشهر. وعندها بدأت أحس انني امام طفل مختلف لديه قدرة على الاسترجاع والحفظ وقلت في نفسي لماذا لا نبدأ معه بكتاب الله تعالى واتجهت الى محاولة معينة وجدت انها ل "تبارك" اريدك ان تحفظ سورة من قصار سور القرآن الكريم بحيث لو حفظت آية واحدة اعطيك زيتونة، وإذا حفظت الثانية اعطك حبة اخرى حتى حفظ سورة التين كاملة.. وهكذا وجدته بحمد الله يقبل على حفظ عدد من السور ثم بعد ذلك صار بحفظ السور القصيرة واحدة بعد الاخرى. الالتحاق بالجمعية وقال كامل: بعد ذلك عرفت ان "تبارك" قادر بحول الله على اتمام حفظ كتاب الله وواصلنا معه المسيرة امه وانا على بركة الله تعالى وبدأنا مرحلة الكتابة عنه وتجربته وكتبنا ما يشبه المجلدات من تجربته والواقع ان ربنا سبحانه وتعالى قد اكرمنا ب "تبارك" واكرمنا اولاً بحفظه جزء "تبارك" وكذلك جزء عم كبداية، ثم انتقلنا الى تعليمه القاعدة النورانية حيث رأينا انها ستعينه على حاسة اخرى تساعده على الحفط ثم كان ان انتقلت بسكني الي حي جديد بجانب مسجد الشعيبي حيث اخطب الان وبدأت افكر في الحاقة بجمعية تحفيظ القرآن الكريم وقبلوه كاستثناء لأن القبول يكون من سن التاسعة، ولكن عندما لمسوا فيه الموهبة والحفظ قبلوه، وجزاهم الله خيراً، واعانهم على جهودهم في تحفيظ ابناء المسلمين كتاب الله تعالى. واضاف والد "تبارك": ان هناك في جمعية التحفيظ من قال اننا نقبل ابنك في قسم النساء لانه صغير جداً، وعموماً فقد استفاد ابني من الجمعية ولله الحمد، وشارك اقرانه الذكور ممن كانوا اكبر منه سناً، حيث كان يقرأ مع زملائه واستأنف القراءة من سورة "تبارك"، وكان يحفظ في البيت ويسمع في حلقة التحفيظ بالمسجد، والعكس كذلك، حتى استطاع ان يقطع شوطاً كبيراً في الحفظ. واضاف وبعد الانتهاء من حفظ "تبارك" انتقلنا مباشرة الى تحفيظ سورة البقرة، ووجدت انه قد انطلق، خصوصا وقد لمست فيه انه يقرأ اكثر من جملة بقوة، خاصة وانه يعتمد في الحفظ على الاستماع، ولهذه الحالة خاصية جيدة فهي تمنح اي حافظ نسبة نجاح تزيد على 70%. ما بعد الحفظ وتدرج "تبارك" في الحفظ، بشكل يومي متتابع ومنظم الى ان اختير في كافة فروع الحفظ حسب نظام الجمعية، وحصل على تقدير ممتاز في حفظ وقراءة القرآن الكريم. وهنا لابد ان اقول ان المهم هو ليس الحفظ، أو مجرد انها قصة نجاح فقط، لابد من استثمار هذه التجربة لتحصل فوائد أخرى مهمة لكل حافظ لكتاب الله. وقال والد "تبارك" في معرض سرده لقصة ابنه مع حفظ كتاب الله انني في الواقع سألت نفسي هذا السؤال المهم: هل يمكن لي ان اكون قد شققت على طفل صغير بهذا العبء الكبير؟.. وهل يعتبر البدء مع ناشيء صغير في هذا السن المبكرة جداً يعد حملاً ثقيلا عليه؟.. لكنني في الواقع تذكرت حكاية الامام الشافعي رحمه الله، وكيف صنعت معه أمه، عندما دفعت به وهو ابن اربع سنوات الى معلم في تلك السن، عندما لمست فيه درجات نبوغ غير عادية، وقدرات كبيرة. الابن "يزيد" وقال: ومن فضل الله تعالى انه رزقنا بابن ثان هو "يزيد" والذي في الواقع صار هو ا لاخر يحمل رغبة شديدة في منافسة أخيه "تبارك" في الحفظ والقراءة والاقبال على كتاب الله تعالى ولاحظت ان الغيرة الحميدة بدأت تدب في نفسه من اخيه "تبارك" وصار يزيد يقرأ ويستمع ويحفظ ولم ابذل معه الا ما مقداره 30% مما بذلته مع اخيه "تبارك" لانه جلس مستمعاً لاخيه ولنا نحن والديه مع اخيه الأكبر طيلة الوقت. مشروع "تبارك" واضاف: والآن لدي في الواقع مشروع اسمية "مشروع "تبارك" لتحفيظ القرآن الكريم" وهو الآن المشروع الذي يمكن الاستفادة منه في محاولة جعل الاطفال والناشئة يقبلون على حفظ كتاب الله تعالى.. واتذكر بالمناسبة انني قد رأيت رؤيا في المنام أن الله تعالى قد رزقني ب "تبارك" وهذا الاسم هو غالباً للانثى وليس للذكر، ولكن عندما ولد لنا هذا الطفل الذكر اطلقت عليه نفس الاسم الذي رأيته في المنام. وبالنسبة لتجربتي مع تحفيظ ابني الثاني يزيد فأنا في الواقع لم اكن أطعمه خلال مراحل التحفيظ سوى التمر واللبن وذلك استلهاماً من توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعوته بان يطعمه عليه السلام طعاما وهو التمر ويبارك له فيه.. فكان الحقيقة طعامه اللبن والتمر والحليب وكنت اعطيه مثلاً المعمول المصنوع من التمر مع بعض الحليب وختاما لا ننسى بعد فضل الله تعالى، فضل جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة والعاملين فيها كافة وعلى رأسهم عبدالعزيز حنفي جزاهم الله خيراً. دور الابوين وتحدث الدكتور واصف كابلي صاحب منتدى الروضة فقال: نحن اليوم في الواقع امام طفل نستطيع ان نقول عنه ان شاب لنبوغه، وان كان عمره مايزال تحت السابعة، وأنا متأكد انه بعد فضل الله تعالى وكرمه وتوفيقه فقد كان لابويه دورهم فيما اليه حتى الآن. واظن أن دور الأم مهم جداً في هذه الناحية، اتساقاً مع قول الشاعر: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الاعراق وكذلك دور الأب بطبيعة الحال، وبالتأكيد في الأسرة دور مهم في اكتشاف قدرات أبنائهم مبكراً، وبالتالي العمل على صقل وتوجيه هذا القدرات نحو أعمال مفيدة وعظيمة في حياتهم وحياة أمتهم. تشجيع الناشئة الأستاذ جميل ميرزا استهل جلسة المنتدى بتلاوة آيات من الذكر الحكيم من أول سورة الرحمن، بصوت رخيم وتلاوة جيدة لفتت انتباه الحاضرين، وقدم لأصغر قارئ في العالم مصحفاً من الحجم الكبير "أكبر من الجوامعي" كاهداء منه إضافة إلى قلم ومحفظة.. وقال إن الحديث والكتابة عن مثل هذه الحالة فيها دعم معنوي لها، وتشجيع للناشئة على أن يحذو حذوه في التنافس على الخير وحفظ القرآن، حيث كان بالمنتدى حشد من الأطفال الذين استمعوا إلى تجربة الطفل "تبارك". ثمرة الجمعية وتحدث المهندس عبدالعزيز حنفي مدير جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة عن تجربة الجمعية عموماً على مختلف الصعد، وعن الطفل "تبارك" فقال: إن هذا الطفل المبارك "تبارك" هو أحد طلاب جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة، والجمعية فخورة به وأمثاله وبالحالات الكثيرة جداً، التي استطعنا بفضل الله دعمها في مجال التحفيظ، وقال إن "تبارك" استطاع أن يجتاز اختيار حفظ القرآن الكريم كاملاً بنسبة درجات "90" درجة وبتقدير ممتاز. وأضاف: إن من النماذج الأخرى ان لدينا الآن طفلاً مصاباً بالتوحد وضريراً كذلك وهو الآن قد اشرف على اتمام حفظ كتاب الله تعالى.. ونحمد الله على وجود الجمعيات وبالمناسبة فإنني اتقدم بالشكر لكل المسؤولين من ولاة أمرنا حفظهم الله على تشجيعنا في جمعية تحفيظ جدة، ودعمنا بكل الجهود الممكنة لكي نؤدي هذه الرسالة السامية. سلوك وحفظ وقال م. حنفي: لدينا الآن والحمد لله في المملكة العربية السعودية الآلاف من الطلاب والطالبات بجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، وأكثر ما يفرحنا عندما يتصل بنا أحد الآباء ويقول أن ابنه الحافظ قد زاد سلوكه جمالاً فوق جمال، حيث صار حريصاً على أداء الصلوات في المسجد، وعلى البر بوالديه وتقبل أكفهم واحترام كل من حوله، وهذا في الواقع يترجم الهدف من الجمعيات، وهو ليس مجرد الحفظ فقط، ولكن لكي يكون القرآن سلوكاً للإنسان، وعائشة رضي الله عنها كانت تقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان خلقه القرآن".وأضاف: إن وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية سبق وأن اعدت دراسة كانت نتائجها أن من 80 85% من الطلاب المتفوقين فيها هم من الطلاب الذين يدرسون بحلقات تحفيظ القرآن الكريم.. ويوجد لدينا عدة خطط نفذناها في السجون لتحفيظ النزلاء القرآن الكريم، حيث أن من يحفظ القرآن فإن 50% من محكوميته تسقط بموجب المكرمة الملكية في هذا الخصوص. حلقات المساجد وقال: انه يوجد لدينا الآن في جدة "500" مسجد، وكلها مغطاة بحلقات تحفيظ القرآن الكريم التابعة لنا.. ومن الأشياء اللافتة اننا قبل فترة عشنا تخرج سيدة تعتبر جدّة وعمرها ستون عاماً حفظت القرآن الكريم كاملاً بحمد الله.. وكذلك يوجد لدينا حوالى 33 حلقة لتحفيظ القرآن الكريم في سجون جدة، وعدد من الدارسين فيها يقولون حتى ولو لم تسقط نصف محكوميتنا بفضل حفظ القرآن، فإننا سنكون في سعادة أننا حفظنا كتاب الله تعالى. وقال: إن مدير السجون في جدة اللواء أحمد الزهراني يذكر لنا دائماً أن كل من خرج من السجن من حفاظ القرآن الكريم فإنه لا يعود له.. إضافة إلى عدد من المسجونين اسلموا بعد أن رأوا بعض النزلاء يتدارسون كتاباً بين أيديهم وتبدو عليهم ملامح السكنية والهدوء بشكل عام، فلما قيل لهم ان هذا الكتاب هو القرآن الكريم اسلموا مباشرة ودخلوا في دين الله والحمد لله.