قد يعيش بعض الأزواج في منزل واحد إلا أن لكل منهما حياة منفصلة عن الآخر ويصعب وصف هذه الحالة في هذا الوقت بأنها زواج لأنها لا تحتوي على أي من مقومات الرحمة والتعاطف ولا تجمعهما عاطفة مشتركة. كما أنه لا يمكن أيضاً وصفها بالطلاق لأن الارتباط الشكلي مازال موجوداً وتعتمد الحياة على مجرد الوجود المادي تنعدم فيه المشاركة، وقد يتطور الوضع إلى حد الطلاق الرسمي فهل يمكن للمرأة أن تقدم على الطلاق بعد سن الخمسين أم أنها قد تفضل تحمل المشاكل ما تبقى لها من حياتها؟ يظل هذا السؤال صعباً عند النساء حيث يستطيع الرجل دائماً أن يجد شريكة تصغره بكثير أما المرأة التي تتجاوز الخمسين من العمر فالطلاق قد يمثل لها نهاية أليمة لحياتها. وقد أكدت إحدى الدراسات التي أجريت عن الطلاق في هذا السن أن الحيرة والارتباك والتردد هي ما تصيب المرأة إذا شعرت بأن الطلاق لابد منه بعد سنوات طويلة من الزواج، ويكمن سر هذا التردد في أنها تعلم أن حياتها بعد الخمسين صعبة. فعلى الرغم من استحالة حياتها مع زوجها فهي قد تحاول إصلاح العلاقة معه وتصاب الحيرة الشديدة حول إمكانية تحمل المشاكل الزوجية بقية حياتها. وقد أكدت الدراسة أن المرأة تتحطم تماماً عندما تتخيل حياتها دون أحد يشاركها فيها ويشاركها أحلامها التي بنتها حول المستقبل، إلا أن الحزن يتضخم عندما يأتي الطلاق في سن تكون فيها في أشد الحاجة لشريك تكبر معه وتتحسر أنها لن تستطيع جني ثمرات تلك السنوات الطويلة من العمل المشترك. ومن الممكن أن يؤدي الطلاق في هذه السن إلى أقوى درجات الاكتئاب بسبب الخوف من الوحدة وفقدان الأمل في الحياة والتصور بأن الحياة قد انتهت، وهو اكتئاب يبقى دون علاج لأن علاج الاكتئاب هو الشعور بالأمل إلا أنها تعتبر نفسها إنساناً دون آمال. وتكبر تلك الكارثة إذا كانت المرأة لم تنجب بعد تجاوزها الخمسين لأنه يعني العزلة والوحدة والانتقاد من المجتمع الذي لا يرحم. ويكون الطلاق أخف وطأة إذا كان لديها أولاد يمكن أن يعوضوها عن انفصالها عن زوجها، أما الوحيدة فهي تدخل نفسها في قوقعة ليس بها أحد إلا هي وخيالها. ولتفادي الوصول إلى تلك المرحلة الصعبة التي تنتهي معها الحياة عليكِ أن تعرفي أن الرحمة لا تحدث بتقادم السنين بين الزوجين، فبالرغم من مرور سنوات طويلة قد تأتي الرغبة في الطلاق نتيجة لتصرفات سابقة تراكمت أصبح من الصعب تصحيحها بعد أن تركت أثراً وعلامة نفسية لا تستطيع المرأة إقناع نفسها بالعكس، حيث أصبح هناك ارتباط بين صورة الزوج أمامها والرفض الذي تشعر به تجاهه. وقد تلجأ المرأة إلى الطلاق ولا تنظر إلا لرغبتها في التخلص من أي ضغوط نفسية بعد أن ملّت دور الزوجة المضحية. إلا أن عليها ألا تنسى أن الرجل يمر بمراهقة ثانية مع بداية سن الأربعين وتستمر معه حتى الخمسين أو أكثر، وفيها يفكر في حياة ثانية وأسلوب حياة جديد قد يشمل زوجة ثانية. كما أن عليها أن تهيئ الجو لتواصل الأبناء مع أبيهم لتعزيز دورهم المهم في الحفاظ على كيان الأسرة، وإذا أحست بشعور سلبي نحو زوجها عليها أن تكون واضحة من خلال مناقشته ومصارحته لأن العلاقة الهشة الضعيفة لا تأتي إلا من تراكم الانفعالات والشعور بأن سنوات العمر تمضي دون أن تجد أحداً يهتم بها.